الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم

          ░191▒ (باب: ما يُكره مِنْ ذَبْح الإبل والغَنَم في المغَانِم)
          قال الحافظ: موضع التَّرجمة مِنَ الحديث أمره صلعم بإكفاء القدور، فإنَّه مُشْعِر بكراهة ما صنعوا مِنَ الذَّبح بغير إذن، وقالَ المهلَّب: إنَّما أكفأ القُدور ليُعْلِم أنَّ الغنيمة إنَّما يستحقُّونها بعد قسمته لها، وذلك أنَّ القصَّة وقعت في دار الإسلام لقوله فيها: (بذي الحُلَيفة)، وأجاب ابن المنيِّر بأنَّه قد قيل: إنَّ الذَّبح إذا كان على طريق التَّعدِّي كان المذبوح ميتة. وكأنَّ البخاريَّ انتصر لهذا المذهب، أو حمل الإكفاء على العقوبة بالمال، وإن كان ذلك المال لا يختصُّ بأولئك الَّذِينَ ذبحوا، لكن لمَّا تعلَّق به طمعهم كانت النِّكاية حاصلًا(1) لهم.
          وقالَ القُرْطُبيُّ: المأمور بإكفائه إنَّما هو المرَق، وأمَّا نفس اللَّحم فلم يُتْلَف بل يُحْمَل على أنَّه جُمِع وَرُدَّ إلى المغانم، لأنَّ النَّهي عن إضاعة المال تقدَّم... إلى آخر ما في «الفتح».
          وكتب الشَّيخ في «اللَّامع» (باب: ما يُكْرَه مِنْ ذَبْحِ الإبل...) إلى آخره، يعني به قبل القسمة. انتهى.
          وفي «هامشه»: اعلم أنَّ المسلمين يجوز لهم الأكل مِنَ المغانم في دار الحرب قبل القسمة، سواء كان مُهَيَّأً للأكل كالطَّعام والفواكه وغيرها أو غير مهيَّأ للأكل كالدَّوابِّ، كما بسط في «الأوجز»، وفيه بعد ذكر أقاويل العلماء في ذلك: أنَّ الحيوانات يجوز ذبحُها وأكلُها، إلَّا ما حكى الحافظ عن الشَّافعيِّ مِنَ التَّقييد بالحاجة، وما مال إليه الخَرَقيُّ مِنَ المنع بدون الاضطرار.
          وفي «المغني»: ظاهر كلام أحمد إباحتُه، ويشكل عليهم حديث البخاريِّ هذا، واختلفوا في توجيهه، وظاهر ميل البخاريِّ إلى الكراهة مُطْلقًا، وترجم عليه أبو داود في «سننه»: باب: في النَّهي عن النُّهْبَى(2) إذا كان في الطَّعام قلَّة في أرض العدوِّ.
          وفي «الأوجز»: اختلفت شرَّاح الحديث في توجيه هذه القصَّة، فقيل: كانت في دار الإسلام، وقيل: كان في الطَّعام قلَّة، وقيل: كان الذَّبح على طريق التَّعدِّي. انتهى. / وأمَّا مسألة الأكل مِنْ طعام الغنيمة في دار الحرب فسيأتي بعد عدَّة أبواب مِنْ (باب: ما يصيب مِنَ الطَّعام في أرض الحرب).


[1] في (المطبوع): ((حاصلة)).
[2] في (المطبوع): ((النهي)).