الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الحرير في الحرب

          ░91▒ (باب: الحَرِير فِي الحَرْب)
          أي: جواز لُبسه، قاله القَسْطَلَّانيُّ.
          وقال الحافظ: وقد ترجم في اللِّباس: (ما يُرخَّص للرِّجال مِنَ الحرير للحكَّة) ولم يقيِّده بالحرب، فزَعَم بعضهم أنَّ الحرب في التَّرجمة الجيم(1) وفتح الرَّاء، وليس كما زعم لأنَّها لا يبقى لها في أبواب الجهاد مناسبة، ويلزم منه إعادة التَّرجمة في اللِّباس إذا الحكَّة والجَرَب متقاربان، وجعل الطَّبَريُّ جوازه في الغزو مستنبطًا مِنْ جوازه للحكَّة، فقال: دلَّت الرُّخصة في لبسه بسبب الحكَّة أنَّ مَنْ قصد بلبسه ما هو أعظم مِنْ أذى الحكَّة كدفع سلاح العدو ونحو ذلك فإنَّه يجوز، وقد تبع التِّرمذيُّ البخاريَّ، فترجم له: باب: ما جاء في لبس الحرير في الحرب، ثمَّ المشهور عن القائلين بالجواز أنَّه لا يختصُّ بالسَّفر، وعن بعضٍ يختصُّ، وقد اختلف السَّلف في لباسه فمنع / مالك وأبو حنيفة مُطْلقًا، وقال الشَّافعيُّ وأبو يوسف بالجواز للضَّرورة، وحكى ابن حبيب عن ابن ماجشون(2) أنَّه يُستحبُّ في الحرب، وقالَ المهلَّب: لباسه في الحرب لإرهاب العدوِّ، وهو مثلُ الرُّخصة في الاختيال في الحرب. انتهى.
          وفي «الفيض»: اعلم أنَّ الثَّوب إذا كانت لُحْمَتُه وسَدَاه حريرًا فهو حرام مُطْلقًا، وإن كان سَداه حريرًا فقط فهو حلال مُطْلقًا، وإن كانت لُحْمَته حريرًا فقط فهو جائز في الحرب دون غيره، وأمَّا مسألة التَّداوي فهي مسألة أخرى. انتهى.
          وفي «الهداية»: ولا بأس بلبس الحرير والدِّيباج في الحرب عندهما لِما روى الشَّعبيُّ ☼ أنَّه صلعم رخَّص في لبس الحرير والدِّيباج في الحرب، ولأنَّ فيه ضرورة، فإنَّ الخالص منه أدفع لمعرَّة السِّلاح وأَهْيب في عين العدوِّ لبريقه، ويُكره عند أبي حنيفة لأنَّه لا فصل فيما رُوِّينا، والضَّرُورة اندفعت بالمخلوط، وهو الَّذِي لحُمته حرير، وسَداه غير ذلك، وما رواه محمول على المخلوط. انتهى.
          وقالَ العلَّامةُ العينيُّ: قال ابن العربيِّ: اختلف العلماء في لباسه على عشرة أقوال، ثمَّ ذكرها.


[1] في (المطبوع): ((بالجيم)).
[2] في (المطبوع): ((الماجشون)).