الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: لا يعذب بعذاب الله

          ░149▒ (باب: لا يُعَذَّب بِعَذَابِ الله)
          قال الحافظ ☼: هكذا بتَّ الحكم في هذه المسألة لوضُوح دليلها عنده، ومحلُّه إذا لم يتَعَيَّن التَّحريق طريقًا إلى الغَلَبة على الكفَّار حال الحرب.
          ثم قال الحافظ في شرح الحديث: واختلف السَّلف في التَّحْريق، فكره ذلك عمر وابن عبَّاسٍ وغيرهما، مُطْلقًا سواء كان ذلك بسبب كفر أو في حال مقاتلة أو كان قصاصًا، وأجازه عليٌّ وخالد بن الوليد وغيرهما، وسيأتي ما يتعلَّق بالقصاص قريبًا(1).
          وقالَ(2) المهلَّب: ليس هذا النَّهي على التَّحريم، بل على سبيل التَّواضع، ويدلُّ على جواز التَّحريق فعلُ الصَّحابة، وقد حرَّق أبو بكرٍ البغاةَ بالنَّار بحضرة الصَّحابة، وأكثر علماء المدينة يجيزون تحريق الحصون والمراكب على أهلها، وردَّ على قول المهلَّب ابنُ المنيِّر، كما في «الفتح».
          وقال ابن قُدامة: أمَّا العدوُّ إذا قُدر عليه فلا يجوز تَحْرِيقه بالنَّار، بغير خلاف نعلمه، وقد كان أبو بكر رضي الله تعالى عنه يأمر بتحريق أهل الرِّدَّة بالنَّار، وفعل ذلك خالد بن الوليد بأمره، فأمَّا اليوم فلا أعلم فيه بين النَّاس خلافًا، ثمَّ قال: وأمِّا رميهم قبل أخذهم بالنَّار فإن أمكن أخذُهم بدونها لم يجز رميُهم بها، لأنَّهم في معنى المقدور عليه، وأمَّا عند العجز عنهم بغيرها فجائز في قول أكثر أهل العِلم، وبه قال الثَّوريُّ والأَوزاعيُّ والشَّافعيُّ. انتهى.
          قلت: وإليه أشار الحافظ بقوله: ومحلُّه إذا لم / يتعيَّن التَّحريق... إلى آخره كما تقدَّم.


[1] قوله: ((وسيأتي ما يتعلَّق بالقصاص قريبًا)) ليس في (المطبوع).
[2] في (المطبوع): ((قال)).