الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: يقاتل عن أهل الذمة ولا يسترقون

          ░174▒ (باب: يُقَاتَل عن أهْلِ الذِّمَّة ولا يُسْتَرَقُّون)
          قالَ القَسْطَلَّانيُّ: (يقاتَل) بفتح رابعهِ، (عن أهل الذِّمة) لأنَّهم بذلوا الجزية، وعلى(1) أن يأمنوا في أنفسهم وأموالهم وأهليهم، فيقاتَل عنهم كما يقاتَل عن المسلمين. انتهى.
          أي: ولو نقضوا العهد، وتعقَّب ابن التِّين بأنَّه ليس في الحديث ما يدلُّ على التَّرجمة مِنْ عَدَم الاسترقاق.
          وأجاب ابن المنيِّر: بأنَّه أخذ مِنْ قوله: (وأوصيه بذمَّة الله) فإنَّ مُقْتَضَى الوصيَّة بالإشفاق ألَّا يدْخُلوا في الاسترقاق، وَالَّذِي قال: (إنَّهم يُسْتَرُّقون إذا نقَضُوا(2) العهدَ) ابنُ القاسم، وخالفه أشهب(3) والجمهور، ومحلُّ ذلك إذا سبى الحربيُّ الذِّمِّيَّ، ثمَّ أسر المسلمون الذِّمِّيَّ، وأغرب ابن قُدامة، فحكى الإجماع(4)، وكأنَّه لم يطَّلِع على خلاف ابن القاسم، وكأنَّ البخاريَّ اطَّلع عليه، فلذلك ترجم به. انتهى مِنَ «الفتح».
          وتعقَّب العينيُّ على قول الحافظ: (وأغرب ابن قُدامة...) إلى آخره، إذ قال: يُحتمل أنَّه أراد به إجماع الأئمَّة الأربعة. انتهى.
          قوله: (ولا يُسْتَرقُّون) كتب الشَّيخ في «اللَّامع» أي: لا يَسْتَرِقُّهم المسلمون أوَّلًا، يُتْرَكون(5) مِنْ غير حماية حتَّى يَسْتَرقَّهم آخرون، ودلالة قوله: (أوصيه بذمَّة الله) وكذا قوله: (ولا يُكلَّفون فوق طاقتهم) على هذا المعنى ظاهرةٌ. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((على)).
[2] في (المطبوع): ((انقضوا)).
[3] في (المطبوع): ((الأشهب)).
[4] في (المطبوع): ((بالإجماع)).
[5] في (المطبوع): ((المسلمون، أو لا يتركون)).