الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب غزو المرأة في البحر

          ░63▒ (باب: غَزْوِ(1) المَرْأة في البَحْر)
          تقدَّم في كلام الحافظ آنفًا ما هو الغرض عنده، وعندي أنَّ الإمام البخاريَّ أشار بذلك إلى الاختلاف فيه، والمعروف عن الإمام مالك المنع مُطْلقًا للمرأة، بسط الكلام عليه في «الأوجز»، وفيه: وفي الحديث جواز ركوب البحر المِلْح للغزو، وكان عمر يمنع منه، ثمَّ أذن فيه عثمان، ثمَّ منع منه عمر بن عبد العزيز، ثمَّ أذن فيه مَنْ بعدَه واستقرَّ الأمر عليه، ونُقِل عن عمر أنَّه إنَّما منع عن ركوبه لغير الحجِّ والعمرة، ونقل ابن عبدِ البرِّ أنَّه يَحْرُم ركوبه عند ارتجاجه اتِّفاقًا، وكره مالك ركوب النِّساء البحر لِما يُخشى مِنِ اطلاعهنَّ على عورات الرِّجال فيه إذ يتعسَّر الاحتراز مِنْ ذلك، وخصَّ أصحابُه بالسُّفن الصِّغار، وأمَّا الكبار الَّتي يمكنهنَّ فيها مِنَ الاستتار بأماكن تخصُّهنَّ فلا حرج فيه، وفي «التَّمهيد» لابن عبدِ البرِّ: كان مالك يكره للمرأة الحجَّ في البحر، فهو للجهاد أكرهُ. انتهى مِنْ «هامش اللَّامع».
          ثم لا يخفى عليك ما في «الأوجز» في ذيل شرح حديث الباب عن ابن عبدِ البرِّ: واحتجَّ بذلك قوم، وقالوا: شهيد البرِّ أفضل، وقال آخرون: شهيد البحر أفضل، والغزو في البحر أفضل، واحتجُّوا بحديثٍ منقطعٍ عن النَّبيِّ صلعم، قال: ((مَنْ لَمْ يُدْرِكَ الْغَزْوَ مَعِي فَلْيَغْزُ فِي الْبَحْرِ, فَإِنَّ غَزْوَ(2) الْبَحْرِ أَفْضَلُ مِنْ غَزْوَتَيْنِ فِي الْبَرِّ وَإِنَّ شَهِيدَ الْبَحْرِ لَهُ أَجْرُ شَهِيدَيَ الْبَرِّ ، إنَّ أَفْضَلَ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللهِ أَصْحَابُ الْوُكُوف قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ صلعم ، وَمَا أَصْحَابُ الْوُكُوفِ؟ قَالَ: قَوْمٌ تَكْفَؤُهُمْ(3) مَرَاكِبُهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ.)) وعن عبد الله بن عمرو أنَّه قال: ((غزوة في البحر أفضل مِنْ عشر غزوات في البرِّ)). انتهى من «الأوجز».
          فائدة: وأوَّل مَنْ ركب البحر للغزاة معاوية، وذلك في خلافة عثمان، كما في «الفتح».


[1] في (المطبوع): ((غزوة)).
[2] في (المطبوع): ((فإن غَزاة في)).
[3] في (المطبوع): ((تكفأ بهم)).