الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: هل يرشد المسلم أهل الكتاب أو يعلمهم الكتاب؟

          ░99▒ (باب: هَلْ يُرْشِدُ المُسْلِمُ أَهْلَ الكِتَاب...)
          قال الحافظ: المراد بالكتاب الأوَّل التَّوراة والإنجيل، وبالكتاب الثَّاني ما هو أعمُّ [منهما] ومِنَ القرآن وغير ذلك (1) . انتهى.
          وقالَ القَسْطَلَّانيُّ: قوله: (هل يُرْشِد المُسْلِم؟) أي: إلى طريق الهُدَى، ويعَرِّفُهم بمَحَاسِن الإِسْلَام يرجعوا(2) إليه، (أو يعلِّمهم الكتاب؟) أي: القرآن رجاء أن يرغبوا في دِين الإسلام. انتهى.
          فاختار القَسْطَلَّانيُّ أنَّ المراد بالكتاب الثَّاني القرآنُ على خلاف ما قال الحافظ.
          وتعقَّب العلَّامة العينيُّ أيضًا على تفسير الحافظ، والأوجَهُ عندي ما اختاره العينيُّ والقَسْطَلَّانيُّ، وأورد فيه طرفًا مِنْ حديث ابن عبَّاسٍ في شأن هِرَقْل، وإرشادهم منه ظاهر، وأمَّا تعليمهم الكتاب فكأنَّه استنبطه مِنْ كونه كتب إليهم بعض القرآن بالعربيَّة، وكأنَّه سلَّطهم على تعليمه إذ لا يقرؤونه حتَّى يترجَم لهم، ولا يترجَم لهم(3) حتَّى يَعرف المترجِم كيفيَّة استخراجه، وهذه المسألة ممَّا اختلف فيه السَّلف، فمنع مالك مِنْ تعليم الكافر القرآنَ، ورخَّص الإمام أبو حنيفة، واختلف قول الشَّافعيِّ، وَالَّذِي يظهر أنَّ الرَّاجح التَّفصيل بين مَنْ يُرجى منه الرَّغبة في الدِّين والدُّخول / فيه مع الأمن منه أن يتسلَّط بذلك إلى الطَّعن فيه، وبين مَنْ يتحقَّق أنَّ ذلك لا ينجع فيه، أو يظنُّ أنَّه يتوصَّل بذلك إلى الطَّعن في الدِّين. انتهى.


[1] فتح الباري:6
[2] في (المطبوع): ((ليرجعوا)).
[3] قوله: ((ولا يترجم لهم)) ليس في (المطبوع).