الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الركوب على الدابة الصعبة والفحولة من الخيل

          ░50▒ (باب: الرُّكُوب عَلى دَابَّة صَعْبَة...)
          قال الحافظ: الصَّعْبة_بسكون العين_ أي: الشَّديدة، و(الفُحُولة)_بالفاء والمهملة_ جمع فحل، والتَّاء فيه لتأكيد الجمع، وأخذ المصنِّف ركوب الصَّعْبَة مِنْ رُكُوب الفَحْل لأنَّه في الغالب أصعب ممارسةً مِنَ الأنثى، وأخذ كونه كان فحلًا مِنْ ذِكره بضمير المذكَّر.
          وقالَ ابن المنيِّر: هو استدلال ضعيف، لأنَّ العَوْد يصحُّ على اللَّفظ، ولفظ الفرس مذكَّر وإن كان يقع على المؤنَّث، وعكسه الجماعة، فيجوز إعادة الضَّمير على اللَّفظ وعلى المعنى... إلى آخر ما في «الفتح».
          وكتب الشَّيخ في «اللَّامع»: دلالة الرِّواية على هذا المعنى مِنْ حيثُ إنَّ الدَّابَّة الصَّعْبة كما تخلُّ بالسَّير وقطع المسافة فكذلك القطوفُ البطيءُ المشيِ، فلمَّا جاز الركوب عليه جاز على صعبة أيضًا، والاستدلال على ركوب الفحولة مِنْ حيثُ إطلاق اللَّفظة أو تذكيرها. انتهى.
          قلت: ظاهر كلام الشَّيخ أنَّه حمل التَّرجمة على بيان الجواز، وعليه حمل العلَّامة العينيُّ.
          والأوجه عند هذا العبد الضَّعيف أنَّ غرض الإمام البخاريِّ ترغيب الرُّكوب على الدَّابَّة الصَّعبة والفحولة كما يدلُّ عليه أثر راشد بن سعد: كان السَّلف يستحبُّون الفحولة، ودلالة الرِّواية عليه بما صار حال فرس أبي طلحة بعد ركوبه صلعم حتَّى قال: (وَجَدْنَاه لبَحْرًا)، أو(1) بهذا اللَّفظ استدلَّ البخاريُّ على التَّرجمة، ووجهُ أفضليَّة الرُّكوب الدَّابَّةَ الصَّعبة أنَّه دليل على مهارة الرَّاكب بالرُّكوب وتدرُّبِه على الفروسيَّة البالغة، ولأجل ذلك كان عمر ☺ يأمر بقطع الرَّكب، وإليه أشار البخاريُّ كما سيأتي قريبًا بــ(باب: ركوب / الفرس العُرْي). انتهى مِنْ «هامش اللَّامع».


[1] في (المطبوع): ((و)).