الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب من قسم الغنيمة في غزوه وسفره

          ░186▒ (باب: مَنْ قسم الغنيمة في غزوه وسفره...) إلى آخره
          قال الحافظ: أشار بذلك إلى الرَّدِّ على قول الكوفيِّين: إنَّ الغنائم لا تُقْسَم في دار الحرب، واعتلُّوا بأنَّ المِلك لا يتمُّ عليها إلَّا بالاستيلاء، ولا يتمُّ الاستيلاء إلَّا بإحْرازها في دار الإسلام. وقال الجمهور: هو راجع إلى نظر الإمام واجتهاده، وتمامُ الاستيلاء يحصل بإحْرازها بأيدي المسلمين، وكِلا الحَدِيثين ظاهر فيما ترجم له. انتهى.
          وتعقَّب العينيُّ على كلام الحافظ إذ قال: هذا مردود، لأنَّ الباب فيه حديثان، وليس واحد منهما يدلُّ على أنَّ قسمة الغنيمة كانت في دار الحرب، أمَّا حديث رافع فيدلُّ على أنَّها كانت بذي الحُليفة، وأمَّا حديث أنس فيدلُّ على أنَّها كانت في الجِعِرَّانة، وكلٌّ مِنْ ذي الحُلَيْفَة والجِعِرَّانة مِنْ دار الإسلام، ففي الحقيقة: الحديثان حجَّة للكوفيِّين لأنَّه لم يقسم إلَّا في دار الإسلام، ثمَّ قال في شرح الحديث: وممَّن أجاز قسمة الغنائم في دار الحرب مالكٌ والأوزاعيُّ والشَّافعيُّ وأبو ثور، وقال أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه: لا تُقْسَم حتَّى يُخْرِجَها إلى دار الإسلام، لما ذكرنا في أوَّل الباب على أنَّهم قالوا: رُوي أنَّه نهى عن بيع الغنيمة في دار الحرب، والبيع في معنى القسمة، فكما لا يجوز البيع كذلك لا تجوز القسمة. انتهى.