الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب: {فإما منا بعد وإما فداء}

          ░150▒ (باب: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} إلى آخره [محمَّد:4])
          فيه حديث ثمامة، قال الحافظ: كأنَّه يشير إلى حديث أبي هريرة في قصَّة إسلام ثمامة بن آثال(1)، وستأتي موصولة مطوَّلة في أواخر كتاب المغازي.
          والمقصود مِنْ هاهنا(2) قوله: (إن تَقْتُل تقتُل ذا دَم، وإن تُنْعِم تُنْعِم على شاكر، وإن كُنتَ تُرِيد المَالَ فَسَل منه مَا شِئْتَ) فإنَّ النَّبيَّ صلعم أقرَّه على ذلك، ولم ينكر عليه التَّقسيم، ثمَّ مّنَّ عليه بعد ذلك، فكان في ذلك تقوية لقول الجمهور: إنَّ الأمر في أسرى الكَفَرة مِنَ الرِّجال إلى الإمام، يَفعل ما هو الأحظُّ للإسلام والمسلمين، وعن مالك لا يجوز المنُّ بغير فداء، وعن الحنفيَّة لا يجوز المنُّ أصلًا لا بفداء ولا بغيره. انتهى مختصرًا.
          وكتب الشَّيخ قُدِّس سرُّه في «الكوكب الدُّرِّيِّ»: في أسير الجهاد أربعة شقوق، إمَّا أن يمُنَّ عليه فيَتْرُكَه أو يُفدى أو يُقتل أو يُسترقَّ، والأوَّلَانِ قد نُسِخَا بآية السَّيف. انتهى.
          وفي «البذل»: قال أصحابنا الأحناف في ظاهر الرِّواية: لا يُفادَى الأسيرُ بالمال، ولا يفَادَوْنَ بأَسْرَى المسلمين أيضًا، وقال أبو يوسف ومحمَّد: لا بأس أن يُفَادى أسرى المسلمين بأسرى المشركين، وهو قول الأئمَّة الثَّلاثة... إلى آخر ما بسط فيه.
          وذكر الخَرَقيُّ في مذهب الحنابلة التَّخيير بين الأربعة، وبسط الكلام عليه الموفَّق، وقال: وهو مذهب الشَّافعيِّ، وعن مالك: كمذهبنا، وعنه: لا يجوز المنُّ بغير عوض، وقال أصحاب الرَّأي الثَّاقب: إن شاء ضرب أعناقهم، وإن شاء استرقَّهُم لا غيرُ، ولا يجوز منٌّ ولا فداء... إلى آخر ما بسط في «الدَّلائل».


[1] في (المطبوع): ((أثال)).
[2] في (المطبوع): ((منها هنا)).