الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الكذب في الحرب

          ░158▒ (باب: الكَذِب في الحرب)
          ذكر فيه حديث جَابر في قصَّة قتل كعب بن الأشرف، قالَ ابن المنيِّر: التَّرجمة غير مطابقة، لأنَّ الَّذِي وقع منهم في قتل يمكن أن يكون تعريضًا، لأنَّ قولهم: (عَنَّانَا)، أي: كَلَّفَنا بالأوامر والنَّواهي، وقولهم: (سأَلَنا الصَّدقة) أي: طلَبَها منَّا ليضعها مواضعها. انتهى.
          قال الحافظ: وَالَّذِي يظهر أنَّه لم يقع منهم فيما قالوا بشيء مِنَ الكذب أصلًا، وجميع ما صدر منهم تلويح كما سبق، لكن ترجم بذلك القول محمَّد بن مَسْلَمة للنَّبيِّ صلعم أوَّلًا: ((ائذن لي أن أقول، قال: قل)) فإنَّه يدخل فيه الإذن في الكذب تصريحًا وتلويحًا، وهذه الزِّيادة وإن لم تُذْكر في سياق حديث الباب فهي ثابتة فيه كما في الباب الَّذِي بعده، على أنَّه لو لم يَرِد ذلك لما كانت التَّرجمة منافرة للحديث، لأنَّ معناها حينئذ: باب: الكذب في الحرب هل يَسُوغ مُطْلقًا أو يجوزُ منه الإيماء(1) دون التَّصريح؟ وقد جاء مِنْ ذلك صريحًا ما أخرجه التِّرمذيُّ مرفوعًا: ((لَاْ يَحِلُّ الْكَذِبُ إِلَّا في ثَلاَثٍ: تَحْديث الرَّجل امْرَأَتَه لِيُرْضِيَهَا، وَالْكَذِبُ في الْحَرْبِ، وَفِي الإصْلَاحَ بَيْنَ النَّاس)) قالَ النَّوويُّ: الظَّاهر إباحة حقيقة الكذب في الأمور الثَّلاثة، لكنَّ التَّعريض أَولى. انتهى مِنَ(2) «الفتح».


[1] في (المطبوع): ((الإيمان)).
[2] في (المطبوع): ((في)).