إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب:{ومناة الثالثة الأخرى}

          ░3▒ هذا (بابٌ) بالتَّنوين، أي: في قولهِ تعالى: ({وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى}[النجم:20]) { الْأُخْرَى} صفةٌ لـ «مناةَ»، وقال أبو البقاء: {الْأُخْرَى} توكيدٌ؛ لأنَّ الثَّالثة لا تكونُ إلَّا أُخرى. وقال الزَّمخشريُّ: والأُخرى ذمٌّ؛ وهي المتأخِّرةُ الوضيعةُ المقدارِ، كقوله: {قَالَتْ (1) أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ (2)}[الأعراف:38] أي: ضعفاؤُهُم لأشرافِهم، ويجوزُ أن تكون الأوَّليَّةُ والتَّقدُّمُ عندهم للَّات والعزَّى. انتهى. قال(3) صاحب «الدُّر»: وفيه نظرٌ؛ لأنَّ الأُخرى إنَّما تدلُّ على الغيريَّةِ، وليس فيها تعرُّضٌ لمدحٍ ولا ذمٍّ، فإن جاءَ شيءٌ فلقرينةٍ خارجيَّةٍ، وقيل: {الْأُخْرَى} صفة للعزَّى؛ لأنَّ الثَّانية أُخرى بالنِّسبة إلى الأُولى، وقال في «الأنوار»: {الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى}[النجم:20] صفتان للتَّأكيد، كقوله: {يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ}[الأنعام:38] ومعنى الآية: هل رأيتُم هذه الأصنامَ حقَّ الرُّؤيةِ؟ فإن رأيتُمُوها علمتُم أنَّها لا تصلحُ للألوهيَّةِ، والمقصود إبطالُ الشُّركاءِ وإثباتُ التَّوحيدِ.


[1] في كل الأصول: «وقالت»، وهو سبق قلم.
[2] قوله: «لأولاهم»: ليست في (ص) و(ب).
[3] في (د): «وقال».