مجمع البحرين وجواهر الحبرين

{اقرأ باسم ربك الذي خلق}

          ░░░96▒▒▒ سورة اقرأ
          مكية وقال لنا قتيبة: ثنا حماد، عن يحيى بن عتيق، عن الحسن قال: اكتب في المصحف في أول الإمام: إلى آخره قد أسلفنا أن (خ) يأخذ غالباً عن نسخته مذاكرة، ويريد بالأول قبل أم الكتاب، قال الداودي: إن أراد خطا مع باسم الله فحسن، وإن أراد خطا وحده فلم يكن الأمر على ذلك.
          قال ابن الزبير: قلت لعثمان: لم لم يكتبوا بسم الله الرحمن الرحيم بين الأنفال وبراءة؟ فقال: مات رسول صلعم ولم يثبته فأشكل علينا أن يكون منها، ولم يكتبوا شيئاً إلا ما حفظوه عن الرسول، وكانوا إنما يعرفون آخر السورة وأول الأخرى إذا قرأ رسول الله البسملة، وهذا المذكور عن مصحف الحسن شذوذ كما نبه عليه السهيلي قال: وهي على هذا من القرآن إذ لا يكتب في المصحف ما ليس بقرآن، قال: ولا يلزم أنها آية من كل سورة ولا من الفاتحة، بل نقول: إنها آية من كتاب الله مقترنة مع السورة، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه وداود.
          فائدة:
          الباء في {بِسْمِ رَبِّكَ} [العلق:1] زائدة قاله أبو عبيدة.
          {الَّذِي خَلَقَ}؛ لأن الكفار كانوا يعلمون أنه الخالق دون أصنامهم، والإنسان هنا آدم وذريته؛ لشرفه؛ ولأن التنزيل إليه.
          (وقال مجاهد: {نَادِيَه} [العلق:17]: عشيرته) وقيل: أهل مجلسه وقيل: حيه، قال ابن عباس: وكان ◙ يمر به أبو جهل يتوعده فأغلظ له رسول الله صلعم وانتهره فقال: يا محمد بأي شيء تهددني؟ أما والله إني لأكثر هذا الوادي نادياً، فأنزل الله تعالى: {فَلْيَدْعُ نَادِيَه. سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} [العلق:17-18] قال: ((فلو دعا ناديه لأخذته زبانية العذاب من ساعته)).
          وفي حديث أبي هريرة قال أبو جهل: لئن مررت بمحمد يصلي لأطأن برقبته، فلما رآه يصلي أراد أن يفعل ذلك قال: فما فجئ أصحابه إلا وهو ينكص على عقبيه، ويتقي بيديه، فقيل له، فقال: إن بيني وبينه خندقاً من نار وهولاً وأجنحة، فقال ◙: ((لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضواً)) الحديث.
          قال ابن أبي عروبة: قد فعل بسيدنا رسول الله مثل هذا ولم تختطفه الملائكة، وذلك والله أعلم؛ لأن فاعله لم(1) يتعاطاه وأبو جهل تعاطى، وأيضاً من فعل به من خنق وشبهة لم يكن نهياً عن العبادة فتضاعف جرم أبي جهل؛ لأنه كان يفعل ذلك للعبادة وهدد فهدد(2).
          ({الزَّبَانِيَةَ} [العلق:18]: الملائكة) قلت: وقيل الشرط وهو مشتق من زبنه أي: دفعه، كأنهم يدفعون الكفار إلى النار، واختلف في واحد الزبانية: زبينة قال وهو كل متمرد من إنس وجان، وقيل: زابن، وقيل: زباني، وقال الكسائي: زبني.
          قوله: ({لَنَسْفَعًا} [العلق:15] لنأخذن و{لَنَسْفَعَن} بالنون وهي الخفيفة، سفعت بيده أخذت): أي: بمقدم / رأسه فلنُذلنه، وقيل: لنسودن وجهه، واكتفى بذكر الناصية عنه إذ هي في مقدمه، وقيل: لنأخذن بها إلى النار وقال مقاتل: دخل ◙ الكعبة فوجد أبا جهل قد قلد هبل طوقاً من ذهب وطيبه وهو يقول: يا هُبل لكل شيء شكر، وعزتك لأشكرنك من قابل، وكان قد ولد له في العام ألف ناقة وكسب في تجارته ألف مثقال، فنهاه رسول الله عن ذلك، فقال: والله لئن وجدتك هنا تعبُد غير آلهتنا لأسفعنك على ناصيتك، يقول: لأجرنك على وجهك فنزلت: {كَلَّا لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ} [العلق:15] في النار ثم ساق حديث عائشة: أول ما بدئ به رسول الله صلعم الرؤيا الصادقة.. الحديث بطوله وقد سلف أول الكتاب.


[1] ((لم)) مكررة في المخطوط.
[2] في هامش المخطوط: ((أقول: قد وضع سلا الجزور بين كتفيه ◙ وهو يصلي في الحجر ولم تخطف الملائكة فاعله وهو ملتبس في وضع السلا من الأداء والإهانة كوطئ العنق فإن وطئ العنق ربما يصل إلى إزهاق الروح)).