مجمع البحرين وجواهر الحبرين

الأنفال

          ░░░8▒▒▒ سورة الأنفال
          مدنية، وقال ابن عباس: إلا سبع آيات من قوله: {وَإِذْ يَمْكُرُ} [الأنفال:30] إلى آخر سبع آيات.
          قال السخاوي: ونزلت قبل آل عمران، وبعد البقرة. قال: ونزلت آل عمران قبل {ص} وقبل سورة الجن.
          قوله: ({يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ}) [الأنفال:1] واحدها: نفل، بفتح الفاء، وهو الزيادة، ولهذا قال بعده: يقال نافلة: عطية، وهي مماراة الله لهذه الأمة في الحلال؛ لأنه كان محرماً على من كان قبلهم، وبهذا سميت النافلة من الصلاة؛ لأنها زيادة على الفرض وقيل في قوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً} [الأنبياء:72] أي: دعا بإسحاق فاستجيب له، وزيد يعقوب بغير سؤال.
          و({الشَّوْكَةِ}: الحد) ثم أسند عن (سعيد بن جبير قلت: سورة الأنفال؟ قال: نزلت في بدر) هو أحد الأقوال في الآية قيل: كان المسلمون ثلاث فرق: فرقة تقاتل العدو، وفرقة أحدقت برسول الله لئلا ينال منه غيره، وفرقة أخذت في جمع الغنائم؛ فلما برد القتال تنازعوا في الأنفال، فنزلت أي: الحكم لله ولرسوله، فاختبر بذلك طاعتهم، فرضوا وسلموا، ثم بين حكم ذلك فقال: {وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ} [الأنفال:41] الآية ذكره الحاكم عن عبادة وقال: على شرط (م) وقيل: نزلت في أبي اليسر، وقيل: إنها منسوخة بهذه، ونقله النخاس عن الأكثرين؛ وأما مكي فنقل عن الأكثر أنها محكمة.
          {مُرْدِفِينَ} [الأنفال:9] فوجاً بعد فوج، يقال: ردفني وأردفني أي: جاء بعدي، من قرأ بالفتح، وهو نافع معناه: ردفهم الله بغيرهم وهم الملائكة، ومن قرأه بالكسر معناه: رادفين، يقال: ردفت بكسر الدال وأردفته إذا جئت بعده.
          قال الطبري: تقول: ردفته وأردفت بمعنى، وقال السدي: أي يمدكم / بآلاف لتوافق ما في آل عمران، ومن قرأ {بِأَلْفٍ} ولم يقرأ المردفين بإرداف الملائكة ملائكة أخرى، والمردفين بارتدافهم غيرهم جعل الألف من يقاتل من الملائكة أو الوجوه منهم الذين من سواهم أتباع.
          وقال مجاهد: {مُكَاء} إدخال أصابعهم في أفواههم، {وَتَصْدِيَةً} [الأنفال:35] الصفير، هذا أسنده ابن أبي حاتم من حديث ابن أبي نجيح عنه بزيادة: كانوا يخلطون بذلك على رسول الله صلعم صلاته، وهو عكس قول المفسرين وأهل اللغة؛ لأنهم قالوا: المكاء التصفير، والتصدية: التصفيق.
          وكذا قال النحاس: إنه المعروف في اللغة، والمروي عن ابن عمر وغيره من العلماء.
          قال مقاتل: كان ◙ إذا صلى في الكعبة قام رجلان من المشركين من بني عبد الدار عن يمينه فيصفران كما يصفر المكاء وهو طائر هذا اسمه، ورجلان عن يساره يصفقان بأيديهما، ليخلطا عليه صلاته وقراءته، فقتل الله الأربعة ببدر ولهم يقول ولبقيتهم: {فَذُوقُوا الْعَذَابَ} يعني: القتل ببدر {بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ}.
          قوله: ({لِيُثْبِتُوكَ} [الأنفال:30]: ليحبسوك) هذا ذكره ابن أبي حاتم مسنداً، قال مقاتل: اجتمع في دار الندوة نفر من قريش يوم السبت ليمكروا به، فأتاهم إبليس في صورة شيخ نجدي، فكلما ذكروا شيئاً قال: ليس برأي، حتى قال أبو جهل: أرى أن تأخذوا من كل بطن من بطون قريش رجلاً، فيضربونه بأسيافهم جميعاً، فلا يدري قومه من يأخذون، فقال إبليس: هذا هو الرأي. فتفرقوا على ذلك، فجاء جبريل فأخبره بمكرهم وأمره أن يخرج تلك الليلة، فخرج إلى الغار؛ أي: ثم هاجر وأضجع عليًّا على فراشه.
          فقوله: {لِيُثْبِتُوكَ} يحبسوك في بيت أبي البختري {أَوْ يَقْتُلُوكَ} يعني: قول أبي جهل، {أَوْ يُخْرِجُوكَ} من مكة وهو رأي هشام بن عمرو.