مجمع البحرين وجواهر الحبرين

{ألم نشرح}

          ░░░94▒▒▒ سورة ألم نشرح
          مكية (قال مجاهد: {وِزْرَكَ} [الشرح:2] أي: في الجاهلية) أخرجه ابن جرير عن محمد بن عمرو بسنده، عن ابن أبي نجيح عنه قال: وفي قراءة عبد الله فيما ذكر (وحللنا عنك وقرك).
          ([{أَنقَضَ} [الشرح:3]] أثقل) أخرجه ابن جرير عن قتادة قيل: أثقله حتى جعله نقضاً، والنقض البعير الذي أتعبه السفر والعمل فينقض لحمه، يقال حينئذ: نقض وانتقض ظهرك حتى تسمع نقيضه؛ أي: صوته وهذا مثل.
          قوله: ({مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح:5] قال ابن عيينة: أي مع ذلك العسر يسر آخر، كقوله: {هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ} [التوبة:52]، ولن يغلب عسر يسرين) هو في تفسير سفيان كذلك.
          قال القاضي أبو الوليد: هذا يقتضي أن اليسرين عند الظفر بالمراد والأجر، فالعسر لا يغلب هذين اليسرين؛ لأنه لا بد أن يحصل للمؤمن أحدهما وهذا عندي وجه ظاهر، وقيل: لما عرف العسر اقتضى استغراق الجنس، فكان الأول هو الثاني، ولما كان اليسر منكراً كان الأول منه غير الثاني.
          وقد روي مرفوعاً: ((لن يغلب عسر يسرين)) والمعنى على هذا كله أن مع العسر يسرين.
          قوله: (وقال مجاهد: {فَانصَبْ} [الشرح:7] في حاجتك إلى ربك) أخرجه ابن جرير بسنده عن ابن أبي نجيح عنه بلفظ: إذا قمت إلى الصلاة فانصب في حاجتك إلى ربك قال ابن عباس: فانصب يقول: في الدعاء، وفي رواية: إذا فرغت مما فرض الله عليك من الصلاة فاسأل الله وارغب إليه وانصب له.
          وقال الضحاك: يقول: إذا فرغت من المكتوبة قبل أن تسلم فانصب، وقال قتادة: / أمره إذا فرغ من صلاته من أن يسلم أن يبالغ في دعائه.
          (ويذكر عن ابن عباس: {أَلَمْ نَشْرَحْ} [الشرح:1]: شرح الله صدره للإسلام) وقال الحسن: ملأناه حكماً وعلماً، وقال مقاتل: وسعناه بعد ضيقه، وقال الجوزي: هو استفهام على طريق التقرير يدل على أنه عطف بالماضي وهو قوله: {وَوَضَعْنَا} [الشرح:2] أي: ألم نفتح قلبك بالإيمان والنبوة، وصرح به الزجاج فقال: {أَلَمْ نَشْرَحْ}: أي: شرحناه.
          قال والدي ⌂:
          قوله: (في الجاهلية) صفة للوزر لا متعلق بالوضع، و(أنقض) أي: أثقل وفي بعضها: أتقن بالنون أي: أحكم ونقل عن الفربري أنه قال الصواب أثقل وأما أتقن فخطأ.
          قوله: (يسرا آخر) إشارة إلى ما قال النحاة المعرفة المعادة هي الأولى بعينها والنكرة المعادة هي غيرها فالعسر واحد واليسر اثنان، فإن قلت: ما وجه تعليله بالآية؟ قلت: إشعارها بأن للمؤمنين حسنتين في مقابلة مشقتهم وهو حسن الظفر وحسن الثواب.
          فإن قلت: لن يغلب عسر يسرين حديث أو أثر وعلى التقديرين لا يصح عطفه على مَقول الله، قلت: هو عطف على قول الله لا على مَقوله.
          قوله: (في حاجتك) أي: إذا فرغت عن العبادة فاجتهد في الدعاء في قضاء الحوائج.
          الزركشي:
          ({أَنقَضَ} [الشرح:3] أثقل) باللام، ويروى بالنون، والأول أصوب، قال الحافظ أبو ذر: وقال الفربري: سمعت أبا معشر يقول: أنقض: أثقل، ووقع في الكتاب خطأ أحكم، انتهى كلام الزركشي.
          أقول:
          قوله: (وضعنا عنك وزرك) هذا كناية عن عصمته من الذنوب وتطهيره من الأدناس عبر عن ذلك بالحط على سبيل المبالغة في انتفاء ذلك كما يقول القائل: رفعت عنك مشقة الزيارة وإن لم يصدر منه زيارة على طريق المبالغة.