مجمع البحرين وجواهر الحبرين

الأحقاف

          ░░░46▒▒▒ سورة الأحقاف
          مكية، وفيها آيتان مدنيتان {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن كَانَ مِنْ عِندِ اللهِ} [فصلت:52] قال ابن عباس: نزلت في ابن سلام وابن يامين النضري [و]عمير بن وهب.
          وقوله: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا} [الأحقاف 11] قال الكلبي: نزلت بالمدينة، {وَالَّذِينَ كَفَرُوا} أسد وغطفان وحنظلة بن مالك، {وَالَّذِينَ آمَنُوا} جهينة ومزينة وأسلم، وقال مقاتل: قوله: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ} [الأحقاف:35] نزلت بالمدينة.
          والأحقاف: رمال مستطيلة باليمن في حضر موت.
          قوله: (أثرة وأثرة وأثارة: بقية من علم) هو قول أبي عبيدة، وقال الحسن: الشيء يثار أي: يستخرج. وقال ابن عباس: هو الخط. ورفعه عن رسول الله صلعم، / وقال قتادة: خاصة من علم، يقال: لفلان عندي أثرة وأثرة، أي: شيء أخصه به، ومنه: آثرت فلاناً على فلان، وقيل: خبر عن بعض الأنبياء، من أثرث الحديث.
          (وقال ابن عباس: {بِدْعًا مِّنْ الرُّسُلِ} [الأحقاف:9] أي: لست بأول الرسل) أسنده ابن المنذر، عن غيلان، عن أبي أبي صالح، عن معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عنه.
          (وقال غيره: هذه الألف إنما هي توعد أن ما تدعون لا يستحق أن يعبد، وليس قوله: {أَرَأَيْتُمْ} [الأحقاف:10]، برؤية العين، إنما هو: أتعلمون أبلغكم أن ما تدعون من دون الله خلقوا شيئا).
          قلت: وجواب الشرط محذوف، التقدير: إن كان هذا القرآن من عند الله وكفرتم به ألستم ظالمين؟ ويدل على هذا المحذوف قوله: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة:51].
          قوله: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَا}الآية [الأحقاف:17]
          فيه حديث يوسف بن ماهك، قال: كان مروان على الحجاز استعمله معاوية، فخطب إلى آخره قولها: ما أنزل الله فينا شيئاً من القرآن، إلا أن الله أنزل عذري.
          يريد: في بني أبي بكر، وأما أبو بكر فنزل فيه: {ثَانِيَ اثْنَيْنِ} [التوبة:40] وقال: {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ} [الفتح:29] في آي كثيرة.
          قوله: فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئاً يقال خذوه فدخل بيت عائشة أوضح هذا الإسماعيلي يروي أن معاوية أراد أن يستخلف يزيد فكتب إلى مروان وكان على المدينة فجمع مروان الناس فخطبهم ودعى إلى بيعة يزيد فقال عبد الرحمن ما هي إلا هرقلية إن أبا بكر والله لم يجعلها في أحد من ولده ولا من أهل بلده وقال من أهل بيته فقال مروان ألست الذي قال الله فيه {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَا} [الأحقاف:17] فقال عبد الرحمن ألست ابن اللعين الذي لعنه رسول الله، قال: فسمعتنا عائشة فقالت يا مروان أنت القائل لعبد الرحمن كذا وكذا والله ما نزلت إلا في فلان بن فلان، وفي لفظ لو شئت أن أسميه لسميته ولعن رسول الله أبا مروان ومروان في صلبه فمروان فضض أي قطعة من لعنة الله فنزل مروان مسرعا حتى أتى بيت عائشة فجعل يكلمها وتكلمه ثم انصرف.
          ويبين بما أوردناه الشيء الذي قاله عبد الرحمن لمروان صح وذكره أيضاً ابن التين فقال الذي ذكرناه أنه قال أهرقلية بيننا وبينكم ثلاث سبقن: توفي رسول الله وفي أهله من لو جعل الله أمراً لكان أهلا لذلك فلم يفعل وتوفي أبو بكر وفي أهله من لو جعل الأمر إليه لكن أهلاً وكذلك عمر(1).


[1] في هامش المخطوط: ((قال السهيلي في الأعلام قوله تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ} يقال: هم جن نصيبين ويروى جن الجزيرة، وروى ابن أبي الدنيا أن النبي صلعم قال لي هذا الحديث وذكر فيه نصيبين فقال رفعت إلي حتى رأيتها فدعوت الله أن يكثر مطرها وينضر شجرها وأن يعذب نهرها ويقال كانوا سبعة وكانوا يهود فأسلموا ولذلك قالوا أقول من بعد موسى وقيل من أسمائهم: شام وناصر ومنشى وماشي والأحقب ذكر هؤلاء الخمسة ابن دريد ومنهم عمرو بن جابر ومنهم رديعير وبينهم سرق وقال قتادة: وقد ذكرنا من أسماء هؤلاء الجن ما حضرنا فإن كانوا سبعة فالأحقب منهم وصف لأحدهم وليس باسم علم فإن الأسماء التي ذكرناها آنفاً ثمانية بالأحقب)).