مجمع البحرين وجواهر الحبرين

سورة بني إسرائيل

          ░░░17▒▒▒ سورة سبحان
          هي مكية، إلا آيات اختلف فيهن، قال السخاوي: ونزلت بعد العصر وقبل سورة يوسف.
          ثم ساق (خ) عن ابن مسعود أنه قال في بني إسرائيل والكهف ومريم: إنهن من العتاق الأول؛ أي: نزولهم متقدم.
          والعتاق: جمع عتيق، وهو كل ما بلغ الغاية في الجود، سمته العرب عتيقاً، قال ابن فارس: العتيق: القديم من كل شيء. وقال الخطابي: المراد تفضيل هذه السورة لما تتضمن من ذكر القصص وأخبار جلة الأنبياء وأخبار الأمم.
          (وهن من تلادي) أي: ما حفظته قديماً، والتليد والتالد ضد الطريف، الأول قديم والثاني مستحدث. وذكر بعد هذا عنه زيادة طه والأنبياء.
          قوله: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ} [الإسراء:4] أخبرناهم أنهم يفسدون، والقضاء على وجوه {قَضَى رَبُّكَ} [الإسراء:23] أمر ربك ومنه الحكم {إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُم} [يونس:93]، ومنه الخلق {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} [فصلت:12].
          قلت: ومنه: {إِذَا قَضَى أَمْراً} [آل عمران:47] أي: كتب {فَإِذَا قَضَيْتُم} [البقرة:200] أديتم وفرغتم {مَّن قَضَى نَحْبَهُ} أجله {لَقُضِيَ الأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} [الأنعام:58] لفصل {لِّيَقْضِيَ اللّهُ أَمْراً} [الأنفال:42] ليمضي {لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ} [يونس:11] الهلاك {لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ} [إبراهيم:22] وجب {فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا} [يوسف:68] أمر بها {وَقَضَى رَبُّكَ} [الإسراء:23] وصى، وبه قرأ ابن مسعود، كما أسنده عنه عبد الرزاق.
          وروى ابن المنذر عن ابن عباس: إنما وصى، ألزقت الواو بالصاد {فَقَضَى عَلَيْهِ} [القصص:15] مات {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ} [سبأ:14] نزل ذلك {لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ} [عبس:23] يعني: حقًّا لم يفعل ما أمره {إِذْ قَضَيْنَا إِلَى مُوسَى الْأَمْرَ} [القصص:44] عهدنا. ذكرها النيسابوري في ((نظائره)).
          قال الأزهري: قضى في اللغة على وجوه مرجعها إلى انقطاع الشيء وتمامه، منها: {ثُمَّ قَضَى أَجَلاً} [الأنعام:2] معناه ختمه وأتمه، ومنه الأمر {وَقَضَى رَبُّكَ} [الإسراء:23] وكأنه أمر قاطع ختم، ومنه الإعلام {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الإسراء:4] أي: أعلمناهم إعلاماً قاطعاً، ومنه {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ} [الحجر:66] أي: أوحينا وأعلمنا. ومنه القضاء: الفصل في الحكم، ومنه: قضى دينه؛ أي: قطع بالعزيمة عليه بالأداء، كلما أحكم عمله، فقد قضى: ومنه إذا قضى أمراً أي: قطعه وأحكمه بأحكامه. ومنه القتل، وذلك قوله: {فَقَضَى عَلَيْهِ} [القصص:15] أي: قتله.
          ثم ذكر حديث ابن شهاب، قال ابن المسيب: قال أبو هريرة: أتي رسول الله صلعم ليلة أسري به بقدحين، وحديث عبدان عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن جابر، قال: سمعت النبي صلعم يقول: ((لما كذبتني قريش)) الحديث سلف في المعراج.