مجمع البحرين وجواهر الحبرين

{والليل إذا يغشى}

          ░░░92▒▒▒ سورة والليل إذا يغشى
          مكية، قال ابن عباس: نزلت في الصديق حين أعتق بلالاً، وفي أبي سفيان في أنه بخل وحكاه ابن إسحاق أيضاً، وقال عكرمة وعبد الرحمن بن زيد: مدنية في رجل من الأنصار ابن الدحداح ويقال: سميحة وأم سمرة في قصة طويلة.
          (وقال ابن عباس: بالحسنى: بالخلف) وقال مجاهد: بالجنة، وقال ابن عباس: بلا إله إلا الله والأول أشبه؛ لأن الله وعد الخلف للمعطي.
          (وقال مجاهد: تردى: مات) وقال أبو صالح: في جهنم (وتلظى: توهج).
          (وقرأ عبيد بن عمير تتلظى) كذا وقع في تفسير سعيد بن منصور فيما رواه غيره عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عنه والمعروف عنه فيما رواه غيره عن ابن عيينة به بتثقيل التاء وأصله تتلظى بتاءين فأسكنت الأولى منهما وأدغمت في الثانية وصلاً فقط، وبه قرأ ابن كثير في رواية التستري وابن فليح.
          ثم ساق (خ) حديث علقمة عن عبد الله في قراءة و{الذَّكَرَ وَالْأُنثَى} [الليل:3] وقد سلف في مناقب عبد الله وعمار وأخرجه (م) (ت) (ن).
          قوله: {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى} [الليل:3]
          ثم ساقه أيضاً وزاد أن أصحاب عبد الله قدموا إلى آخره، قال المازري: يجب أن تعتقد في هذا وما في معناه النسخ، ولعله وقع من بعضهم قبل أن يبلغ أبا الدرداء، وخالفه جماعة.
          قوله: (أيكم أحفظ؟) فأشاروا إلى علقمة. هو أجل أصحابه / ، وأحفظهم على الأكثر، وكان من أصحابه أيضاً الأسود وعبيدة والحارث وأبو ميسرة وشريح أدركوا الجاهلية، وأسلم بعضهم في حياته ◙، ولم يروه، وصحبوا عليًّا أيضاً، نعم صحبتهم لعبد الله أكثر، فقالت عائشة: أجل أصحابه الأسود بن يزيد، وقيل: أبو ميسرة.
          قوله: {فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى} [الليل:5]
          فيه حديث الأعمش، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن علي قال: كنا مع رسول الله صلعم في بقيع الغرقد الحديث سلف في الجنائز في باب موعظة المحدث عند القبر.
          وفيه: من الطرف رواية ثلاثة تابعين بعضهم عن بعض؛ الأعمش فمن بعده. واسم أبي عبد الرحمن عبد الله بن حبيب بن ربيعة، والبقيع بالموحدة مدفن أهل المدنية.
          قوله: {وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} [الليل:6]
          ساقه أيضاً بنحوه وأخرجه أيضاً في القدر والأدب والتوحيد وأخرجه (م) (ت) (ن).
          قوله: {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} [الليل:7] ثم ساقه أيضاً وفي آخره قال شعبة وحدثني منصور.
          قوله: {وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى} [الليل:8]
          ثم ساقه من حديث وكيع عن الأعمش.
          قوله: {وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى} [الليل:9]
          ثم ساقه من حديث جرير عن منصور، وهذا ساقه في الجنائز. والمخصرة بكسر الميم، قال أبو عبيد: هي ما اختصره الإنسان بيده من عصا وعكازة وغيرهما، قال التنيسي: الخصر إمساك القضيب باليد، وكانت الملوك تتخصر بقضبان تشير بها، وتصل بها كلامها.
          قوله: (ما من نفس منفوسة) أي: مولودة، يقال: نفست المرأة بالفتح والكسر.
          وفيه: شهود الشارع الجنائز، وتعليم العلم عند ذلك، وثبوت القدر، وأن أعمال العباد كتبت وفرغ منها، وأن تذكيره ◙ كان في أمر الآخرة.
          قوله: (فجعل ينكت بمخصرته) أي: ينكت بها الأرض فيؤثر فيها بالمخصرة. وقال الداودي: معنى ينكت يلقي رأسه في الأرض ويتابع ذلك.
          قوله: {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل:10]
          ساق فيه حديث شعبة عن الأعمش به أيضاً.
          قال والدي ⌂:
          قوله: ({وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى}) [الليل:9] أي: بالفعلة الحسنى، وهي الخلف عن إعطائه والعوض عن إنفاقه وقال: ({نَارًا تَلَظَّى}) [الليل:14] أي: تتوهج وتتوقد، و(عبيد) مصغر ضد الحر (ابن عمير) مصغر عمر، قرأ: ▬تَتَلَظَى↨ بدون حذف التاء وقال: ({وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى}) [الليل:11] أي: مات.
          قوله: (قبيصة) بفتح القاف وكسر الموحدة وبالمهملة، ابن عقبة بضم المهملة وسكون القاف، و(أبو الدرداء) اسمه عويمر، و(علقمة) بفتح المهملة والقاف وسكون اللام ابن قيس النخعي الكوفي، و(في صاحبك) أي: فم عبد الله بن مسعود، و(هؤلاء) أي: أهل الشام يأبون هذه القراءة ويقولون: المتواتر هو {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى} [الليل:3] وهو الواجب في القراءة يعني يذكر {وَمَا خَلَقَ} وأبو الدرداء كان يحذفه، و(إبراهيم) هو النخعي وعلقمة هو عم والدته، و(يريدونني) أي: يحملونني على أن أقرأ وما خلق الذكر والأنثى بزيادة وما خلق.
          فإن قلت: كيف قال لا أتابعهم وقراءتهم متواترة؟ قلت: كان له طريق آخر يقيني يعارضه وهو سماعه من رسول الله صلعم، فإن قلت: لم خالفوه؟ قلت: هم اتبعوا ما ثبت عندهم بالتواتر.
          قوله: (أبو نعيم) مصغراً، و(الأعمش) هو سليمان، و(سعد بن عبيدة) مصغر العبدة ضد الحرة أبو حمزة بالمهملة والزاي، ختن أبي عبد الرحمن عبد الله السلمي بضم المهملة / وفتح اللام، و(البقيع) بفتح الموحدة وكسر القاف وبالمهملة، مقبرة المدينة وأضيف إلى الغرقد بفتح المعجمة والقاف وسكون الراء وبالمهملة لغرقد فيه وهو ما عظم من العوسج، و(أفلا نتكل) أي: لا نعتمد على كتابنا؛ أي: الذي قدر الله علينا فقال: أنتم مأمورون بالعمل فعليكم بمتابعة الأمر فكل واحد منكم مُيَسر لما خلق له وقدر عليه.
          قوله: (بشر) بالموحدة المكسورة، ابن خالد، و(النكت) أن يضرب القضيب في الأرض فيؤثر فيها، و(منصور) وهو ابن المعتمر سمع من سعد بن عُبيدة وقال شعبة: حدثني به منصور أيضاً فوافق ما حدثني به الأعمش فما أنكرت منه شيئاً.
          قوله: (عثمان بن أبي شيبة) بفتح المعجمة وإسكان التحتانية، و(جرير) بفتح الجيم وبالراء المكررة، و(المخصرة) بكسر الميم وسكون المعجمة وفتح المهملة، ما أمسكه الإنسان بيده من عصا ونحوه، و(منفوسة) أي: مخلوقة مصنوعة، و(شقية) روي بالنصب والرفع، و(سيصير) أي: سيجزيه القضاء إليه قهراً، وفيه مباحث ذكرناها في كتاب الجنائز في باب الموعظة عند القبر.
          الزركشي:
          (قرأ عبيد بن عمير: ▬تَتَلَظَى↨) كذا وقع في تفسير سعيد بن منصور فيما رواه عن ابن عيينة وداود العطار عن عمرو بن دينار عن عبيد بن عمير: ▬تَتَلَظَى↨ بتاءين، والمعروف عند أصحاب القراءة عن عبيد بن عمير: {تَلَظَّى} [الليل:14] متصل التاء، أي: بالإدغام، وأصله تتلظى بتاءين مفتوحتين فسكنت أولاهما وأدغمت في الثانية في الوصل بما قبل ذلك لا في الابتداء، وبها قرأ ابن كثير في رواية البزي، ولا خلاف في الابتداء في هذا الإدغام، وفي القراءة بتاء واحدة مفتوحة، ولا يجوز الإدغام في الابتداء؛ لتعذر الابتداء بالساكن وامتناع اللفظ به.
          وأما قراءة عبد الله وأبي الدرداء: (والذكر والأنثى) فليست قرآناً بالإجماع، واتفاق المصاحف على خلافها، وعذرها أنها لم تبلغها الزيادة.
          (ما من نفس منفوسة) أي: مولودة.