مجمع البحرين وجواهر الحبرين

سورة الطلاق

          ░░░65▒▒▒ سورة الطلاق
          مدنية ونزلت بعد {هَلْ أَتَى} [الإنسان:1] وقبل: {لَمْ يَكُنِ} [البينة:1] كما قاله السخاوي، وهي سورة النساء الصغرى كما قاله مقاتل والقصرى كما سيأتي.
          (وقال مجاهد: {إِنِ ارْتَبْتُمْ} [المائدة:106]: إن لم تعلموا أيحضن أم [لا] يحضن واللائي قعدن عن المحيض، والتي لم يحضن بعد، فعدتهن ثلاثة أشهر) هذا ثابت في بعض النسخ، فالمعنى: إن شككتم أن الدم الذي يظهر منها أكبرها من الحيض أو الاستحاضة، وهو قول الزهري وغيره / .
          (وقال مجاهد: {وَبَالَ أَمْرِهَا} [الطلاق:9] جزاء أمرها) وقيل: عاقبة أمرها. ثم ساق حديث ابن عمر أنه طلق امرأة له وهي حائض، الحديث وهو متفق على صحته، أخرجه (م) والأربعة أيضاً.
          وفي رواية: ((مره فليراجعها حتى تطهر ثم إن شاء طلق وإن شاء أمسك)). وفي أخرى: ((مره فليطلقها طاهراً أو حائلاً)).
          وأشار (م) إلى حديث أبي الزبير قال عبد الله: فردها ولم يره شيئاً. وقال: وكل الأحاديث تخالف ما رواه أبو الزبير، وقال غيره: لم يرو أبو الزبير أنكر منه.
          وقال الشافعي: نافع في ابن عمر أثبت من أبي الزبير، والأثبت من الحديثين أولى أن يقال به. وأشار الخطابي إلى ضعفه. وقال أبو عمر: لم يقل هذا عن ابن عمر غير أبي الزبير. ويجوز أن يأول قوله: (ولم يره شيئاً): جائزاً في السنة، أو تحرم معه الرجعة.
          وجاء: (أرأيت إن عجز واستحمق؟) يعني: أسقط عنه الطلاق عجزه أو حمقه أو إساءته إذ لا إشكال فيه. إذا علمت ذلك فقام الإجماع على تحريم طلاق الحائض الحائل بغير رضاها، فإن أوقعه أثم ووقع، وأمر بالرجعة، وشذ بعض أهل الظاهر حيث قال: بعدم الوقوع، ولا عبرة به. وانفرد مالك بوجوب الرجعة. وروي عن أحمد أيضاً، وخالفه الثلاثة والأوزاعي وفقهاء المحدثين وسائر أهل الكوفة.
          وقام الإجماع على أن المطلقة للسنة في المدخول بها هو الذي يطلق امرأته في طهر لم يمسها فيه واحدة، فإن طلقها في طهر مسها فيه أو في الحيض فليس بسنة. وقال أبو حنيفة: إذا طلقها في كل طهر طلقة كان سنيًّا، واختلف في منع الطلاق في الحيض هل هو تعبد أو لتطويل العدة لأنه لا يعتد به، وتستأنف ثلاث حيض غيره. وقيل: لأنها لا تدري: هل تعتد بالحمل أو بالحيض؛ لأن الحامل تحيض؛ فإن قلت: ما السر في أمره بالمراجعة، ثم بتأخير الطلاق إلى طهر بعد الطهر الذي يلي هذا الحيض؟
          قلت: فائدة التأخير من أوجه:
          1- وهو جواب أصحابنا؛ لئلا تصير الرجعة لمعرض الطلاق فأمسكها زمناً يحل له فيه الطلاق وتظهر فائدة الرجعة.
          2- عقوبة له وتوبة من معصيته بتدارك جنايته.
          3- لأن الطهر الأول مع الحيض الذي يليه كالقرء الواحد، فلو طلقها في أول طهر كان كمن طلق في الحيض.
          4- أنه نهى عن طلاقها في الطهر ليطول مقامه معها، فلعله يجامعها فيذهب ما في نفسه من سبب طلاقها فيمسكها.
          وتغيظه ◙ لإيقاع الطلاق حالة الحيض، وهو ظاهر في الزجر عنه.
          وفرع المالكية على الأمر بالمراجعة أنه إن أبى أي: أجبره الحاكم بالأدب، فإن أبى ارتجع الحاكم عليه وله وطؤها بذلك على الأصح. وادعى ابن وضاح أن قوله: ((ثم يمسكها)) إلى آخره هو من قول الراوي ونازعه غيره فيه.
          فائدة: قوله: (فتلك العدة كما أمر الله تعالى) حجة على أبي حنيفة في أنها إذا طلقت حال الطهر تعتد به خلافاً له، وذلك إشارة إلى الحال التي أمر الله فيها بالطلاق، وهي حال الطهر، لا يقال: إن تلك للحيض؛ لأنها حال غير معتد بها.
          واسم زوجة [ابن] عمر / هذه آمنة بنت غفار. نبه عليه ابن باطيش.