مجمع البحرين وجواهر الحبرين

الجمعة

          ░░░62▒▒▒ سورة الجمعة
          مدنية، وأنزلت بعد التحريم وقبل التغابن كما قاله السخاوي.
          وقرأ عمر: فامضوا إلى ذكر الله.
          باب {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} [الجمعة:3]
          فيه حديث ثور، عن أبي الغيث، عن أبي هريرة قال: كنا جلوساً عند رسول [الله] فأنزلت عليه سورة الجمعة {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ}.. الحديث وأخرجه (م) (ت) (ن).
          والثريا مؤنثة مقصورة / تكتب بالألف لمكان الياء التي قبل آخرها. وفي الآخرين أقوال: التابعون، أو العجم، أو أبناؤهم، أو كل من كان بعد الصحابة، أو كل من أسلم إلى يوم القيامة، وأحسن ما قيل فيهم كما قال القرطبي أبناء فارس، بدليل هذا الحديث، وقد ظهر ذلك عياناً، فإنه ظهر فيهم الدين وكثر العلماء، فكان وجودهم كذلك دليلاً من أدلة صدقه(1).
          وذكر ابن عبد البر أن الفرس من ولد لاوذ بن سام بن نوح. وذكر علي بن كيسان النسابة وغيره أنه من ولد فارس بن حاثر بن يافث بن نوح، وهو أصح ما قيل فيهم، وهم يدفعون ذلك وينكرونه ويزعمون أنهم لا يعرفون نوحاً ولا ولده، ولا الطوفان وينسبون ملكهم من حين آدم، وأن أول ملك ملك في العالم بعد الطوفان أوشهيج بن أبزخ بن عابور بن يافث بن نوح، فإنه ملكهم ألف سنة، وبعده طهمورث وبعده سمر، وكان دينهم دين الصابئة، ثم تمجسوا وبنوا بيوت النيران.
          وقال الرشاطي: منهم من زعم أنهم من ولد يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم. قال: ومنهم من ذكر أنهم من ولد هدرام بن أرفخشد بن سام، وأنه ولد بضعة عشر رجلاً كلهم كان فارساً شجاعاً، فسموا الفرس بالفروسية. وقيل: إنهم من ولد بوان بن إيران بن الأسود بن سام. ويقال لهم بالجزيرة: الحضارمة، وبالشام: الجرامقة. وبالكوفة: الأحامرة، وبالبصرة: الأساورة. وباليمن: الأبناء والأحرار.
          وفي ((طبقات صاعد)): كانت الفرس أول أمرها موحدة على دين نوح إلى أن برداسف المشرقي إلى طهمورث ثالث ملوك الفرس بمذهب الحنفاء وهم الصابئون فقبلت منهم، وقصر الفرس على التشرع به، فاعتقدوه نحو ألفي سنة ومائتي سنة، إلى أن تمجسوا جميعاً وسببه أن زرادشت الفارسي ظهر في زمن بشتاسب ملك الفرس حين مضى من ملكه ثلاثون سنة، ودعا إلى دين المجوسية من تعظيم النار وسائر الأنوار، والقول بتركيب العالم من النور والظلمة، واعتقاد القدماء الخمسة: إبليس والهيولي والزمان والمكان، وذكر آخر فقبل ذلك منه بشتاسب، وقاتل الفرس عليه حتى انقادوا جميعاً إليه ورفضوا دين الصابئة واعتقدوا زرادشت نبيًّا مرسلاً إليهم، ولم يزالوا على دينه قريباً من ألف وثلاثمائة سنة إلى أن أباد الله ملكهم على يد عثمان ☺.
          وثور الذي في إسناده هو ابن زيد الديلي مولاهم المدني، أخرج (م) أيضاً، ومات سنة خمس وثلاثين ومائة. وانفرد (خ) بثور بن يزيد الكلاعي الحمصي، سمع خالد بن معدان، وعنه الثوري وغيره، مات سنة خمس، وقيل: ثلاث وخمسين ومائة.
          وأبو الغيث بالمعجمة اسمه سالم مولى ابن مطيع، وعبد العزيز المذكور بآخر سنده ذهب الكلاباذي إلى أنه ابن أبي حازم. قال الجياني: والذي عندي أنه الدراوردي.


[1] في هامش المخطوط: ((أقول: أصحاب الكتب الستة من العجم وأصحاب الشافعي وأبي حنيفة كلهم من العجم وأصحاب الحديث كذلك، وأما العلوم العقلية فكل صحابها منهم وغالب الكتب المتداولة بين الناس الآن من سائر العلوم العقلية من تصانيفهم ولا يحتاج إلى ذكرها لظهور ذلك)).