مجمع البحرين وجواهر الحبرين

المؤمن

          ░░░40▒▒▒ سورة المؤمن(1)
          مكية ونزلت بعد الزمر، ثم الحواميم مرتبة إلى آخرها. قاله السخاوي.
          (قال مجاهد: مجازها مجاز أوائل السور) أخرجه الطبري من حديث ابن أبي نجيح عنه (ويقال بل هو اسم لقول شريح بن أبي أوفى العبسي:
يذكرني حم والرمح شاجر                     فهلا تلا حم قبل التقدم)
          ويروى:
يذكرني حاميم لما طعنته
          هذا البيت من أبيات ذكرها الحسن بن المظفر النيسابوري في ((مأدبة الأدباء)) أولها:
وأشعث قوام بآيات ربه                     قليل الأذى فيما ترى العين مسلم
هتكت نجيب الرمح جيب قميصه                     فخر صريعاً لليدين وللفم
على غير شيء غير أن ليس تابعا                     عليا ومن لا يتبع الحق يندم
          يذكرني حاميم
          البيت.
          قال: وكان شريح مع علي يوم الجمل، وكان شعار أصحاب علي يومئذ حاميم، فلما نهد شريح لمحمد بن طلحة بن عبيد الله، الملقب بالسجاد وطعنه قال: حاميم، فقال شريح هذا الشعر، قال: وقال بعضهم: لما طعنه شريح قال: أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله فهو معنى قوله: يذكر حم. قال الحسن: والأول أصح.
          وفي الحماسة البحترية، قال عدي بن حاتم الطائي:
من مبلغ أفناء مذحج أنني                     ثأرت لحالي ثم لم أتأثم
تركت أبا بكر ينوء بصدره                     بصفين مخضوب الكعوب من الدم
يذكرني ثأري غداة لقيته                     فأجررته رمحي فخر على الفم
يذكرني ياسين حين طعنته                     فهلا تلا ياسين قبل التقدم
          وفي (حم) أقوال أخر: قيل هو اسم من أسماء القرآن، أو اسم الله الأعظم، أو حم الأمر، أو حروف الرحمن مقطعة الر، وحم، ونون.
          وقول (خ) الماضي: ويقال: بل هو اسم. لعله يريد على قراءة من قرأ حم بفتح الميم؛ أي: اتل حاميم، ولم يصرفه؛ لأنه جعله اسماً للسورة(2).
          ويجوز أن يكون لالتقاء الساكنين، ويجوز فتح الحاء وكسرها، وهما قراءتان.
          وقال ابن مسعود ومجاهد وعطاء في / المسرفين هم: السفاكون للدماء.
          قال ابن عباس: ونزلت: {يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِم} [الزمر:53] في وحشي قاتل حمزة، وكان ابن عباس يقرأ: ▬ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا لِمَنْ يَشَاءُ↨.
          ثم ساق (خ) حديث عروة بن الزبير: قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص: أخبرني بأشد ما صنعه المشركون، الحديث سلف في المبعث، وآخر مناقب الصديق، ومعنى {أَن يَقُولَ} [يس:82] ربي الله: كان يقول.
          قال والدي ⌂:
          قوله: (مجازها) بالجيم والزاي طريقها؛ أي: حكمها حكم سائر الحروف المقطعة التي في أوائل السور في أنها للتنبيه على أن القرآن من جنس هذه الحروف ولقرع العصا عليهم، وقيل: إنه اسم علم للسورة وقيل: للقرآن، و(شريح) مصغر الشرح بالمعجمة والراء وبالمهملة، ابن أوفى بفتح الهمزة والفاء وإسكان الواو بينهما وبالقصر، العبسي بفتح المهملة الأولى وسكون الموحدة بينهما، و(شجر الرمح) اختلف وقصته أن محمد بن طلحة بن عبيد الله القرشي السخاء وكان يوم الجمل كلما حمل عليه رجل يقول نشدتك بحم حتى شد عليه شريح فقتله وأنشأ يقول:
          يذكرني حم
          البيت، وقيل: المراد بقوله ((حم)) قوله تعالى: {قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا}الآية [الشورى:23]، وأما وجه الاستدلال به فهو أنه أعربه ولو لم يكن اسماً بل كانت حروف متهجاة لما دخل عليه الإعراب.
          قوله: (شديد العقاب ذي الطول) أي: التفضل، و(العلاء) ابن زياد بكسر الزاي وخفة التحتانية العدوي البصري التابعي، و(يقول) أي: الله تعالى إن المسرفين هم أصحاب النار. فإن قلت: هذا موجب للقنوط لا لعدمه قلت: غرضه أني لا أقدر على التقنيط وقد قال تعالى لأهل النار {لَا تَقْنَطُوا} [الزمر:53].
          قوله: (الوليد) بفتح الواو وكسر اللام، ابن مسلم بكسر الخفيفة، و(يحيى بن أبي كثير) ضد القليل، و(محمد) التيمي بفتح الفوقانية وسكون التحتانية، و(عقبة) بضم المهملة وإسكان القاف وبالموحدة، ابن أبي معيط مصغر المعط بالمهملتين العبشمي قتل يوم بدر كافراً.
          الزركشي:
          ({حم} [غافر:1] مجازها مجاز أوائل السور) أي: تأويل مجازها وصرف لفظها عن ظاهره، وعند أبي ذر قال: ((هم مجازها)).
          (ويقال: بل هو اسم) قال السفاقسي: لعله يريد على قراءة عيسى بن عمر بفتح الحاء والميم الأخيرة، ومعنى قراءته: اتل {حم}، ولم يصرفه لأنه جعله اسماً للسورة، ويجوز أن يكون فتح لالتقاء الساكنين.


[1] في هامش المخطوط: ((وتسمى سورة غافر)).
[2] في هامش المخطوط: ((أقول: سأل بعض الناس في مجلس ملك زماننا هل في القرآن العزيز لفظ الناس مفسراً بالرجال؟ فقيل له: نعم في قوله {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} فذكر الناس بالرجال أشار إليه الزمخشري وابن مالك وذكر ابن عطية في ((تفسيره)) وغيره في قوله: {يُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً} أي: تكلم الرجال في الكهولة وفي مسند عبد بن حميد نحوه، قال: وقيل المجادلون واليهود كانوا يقولون يخرج صاحبنا المسيح بن داود يريدون الدجال ويبلغ سلطانه البر والبحر ويسير مع الأنهار وهو آية من آيات الله فيرجع إلينا الملك فسمى الله تمنيهم ذلك كبراً ثم قال فإن قلت كيف اتصل قوله يخلق السموات والأرض بما قبله؟ قلت: إن مجادلتهم في آيات الله كانت مشتلمة على إنكار البعث وهو أصل المجادلة ومدارها فجحد الخلق السموات والأرض لأنهم كانوا مؤمنين بأن الله خالقها بأنها خلق عظيم لا تعالي قدره وخلق الناس بالقياس إليه شيء قليل مهين فمن قدر على خلقها كان على خلقه الإنسان أقدر)).