مجمع البحرين وجواهر الحبرين

سورة هود

          ░░░11▒▒▒ سورة هود
          مكية، وقيل: إلا آية {فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ} [هود:12] / .
          (وقال مجاهد: {الْجُودِيِّ} [هود:44]: جبل بالجزيرة) هذا أسنده أبو محمد من حديث ابن أبي نجيح عنه تسامت الجبال يومئذٍ وتطاولت وتواضع هو لله فلم يغرق، فأرست عليه السفينة وقيل: إن جبل الجودي بالموصل، وقيل: بآمد وهما من الجزيرة. وقال ياقوت: إنه جبل مطل على جزيرة ابن عمر على دجلة فوق الموصل، بالقرب من قرية ثمانين قال بعضهم: أكرم الله ثلاث جبال بثلاثة أنبياء: فالجودي بنوح، والطور بموسى، وحراء بنبينا صلى الله عليه وعليهم وسلم.
          وقال عمر فيما ذكره ابن مردويه: لما استوت السفينة على الجودي لبث نوح ما شاء الله ثم أذن له فهبط على الجبل، فدعا الغراب فقال: ائتني بخبر الأرض، فانحدر الغراب على الأرض وفيها الغرقى من قوم نوح، فجعل يأكل فأبطأ على نوح فلعنه، ودعا الحمامة فأمرها فلم تلبث إلا قليلاً حتى جاءته تبيض وريشة في منقارها، فقالت: اهبط فقد أنبتت الأرض، فبارك نوح فيها وفي بيت يأويها وأن تحبب إلى الناس، قال: ولولا أن يغلبك الناس على نفسك لدعوت الله أن يجعل رأسك من ذهب.
          وذكر الثعلبي أن طول السفينة ألف ذراع ومائتا ذراع وعرضها ستمائة ذراع، وكانت ثلاث طبقات، طبقة فيها الدواب والوحش، وطبقة فيها الإنس، وطبقة فيها الطير وكانت من الساج.
          وفي رواية: طولها ثمانون ذراعاً وعرضها خمسون ذراعاً، وبابها في عرضها، وارتفاعها في السماء ثلاثون ذراعاً.
          قوله: (فارتفع) أي: ظهر على وجه الأرض، وقيل لنوح: إذا رأيت الماء على وجه الأرض فاركب أنت وأصحابك السفينة.
          وهو قول ابن عباس وعكرمة والزهري. وعن ابن عباس: يريد التنور الذي يخبز فيه. قال الحسن: كان تنوراً من حجارة.
          قوله: ({سِجِّيلٍ}) شديد كبير وسجين اللام والنون أختان، قال تميم بن مقبل:
ورجلة يضربون البيض ضاحية                     ضربا تواصى به الأبطال سجينا
          وذكر (خ) في تفسير سورة الفيل عن ابن عباس: {سِجِّيلٍ} [هود:82] سنك، وكل بالفارسية. سنك: حجر، وكل: طين.
          وهذا البيت هو لتميم بن مقبل، وهو من جملة قصيدة ذكر فيها ليلى زوج أبيه، وكان خلف عليها، فلما فرق بينهما الإسلام ذكرها، وقال: تواصت. بدل: تواصى.
          و(رجلة) قال ابن التين: رويته بفتح الراء وكسر الجيم جمع راجل، وروي بكسر الراء والجيم أي: ذي رجلة. قال: والبيض بفتح الباء جمع بيضة، أراد: بيضة الحديد.
          ومعنى ضاحية: ظاهرة. يقال: ضحى يضحي، وضحا يضحا: إذا أصابته الشمس، ومنه: {وَلَا تَضْحَى} [طه:119] والمعنى: أنهم يضربون مواضع البيض وهي الرؤس. وقال الحسين ابن المظفر النيسابوري: هو فعيل من السجن، كأنه يثبت من وقع فيه فلا يبرح مكانه.
          وقال المؤرخ: سجين وسجيل، أي: دائم. ورواه ابن الأعرابي: سخيناً بالخاء المعجمة؛ أي: سخناً حاراً. يعني: الضرب. وعند أبي نصر: هي حجارة من سجيل طبخت بنار جهنم أعاذنا الله منها مكتوب عليها أسماء القوم.
          قال الأزهري: لما أعربته العرب صار عربياً، وقال غيره: إنه عربي. قال مجاهد: هو بالفارسية. وقيل: إنه اسم لسماء الدنيا. وقال عكرمة: سجيل: بحر معلق في الهواء بين السماء والأرض منها نزلت الحجارة. وقيل: هو جبال في السماء، وهي التي / أشار الله إليها بقوله: {وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ} [النور:43] وقال قتادة: {مِّن سِجِّيلٍ}: من طين.