مجمع البحرين وجواهر الحبرين

سورة النساء

          ░░░4▒▒▒ سورة النساء
          هي مدنية، واستثنى أبو العباس الضرير في ((مقامات التنزيل)) آية التيمم، وآية صلاة الخوف وليس بجيد فإنهما بالمدينة، ووقع للنحاس أنها مكية، ونقل ابن النقيب عن الجمهور أنها مدنية، وفيها آية واحدة نزلت بمكة عام الفتح في عثمان بن أبي طلحة: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء:58].
          قوله: (ولا تجاوز العرب رباع) يعني: لا تقول: خماس ولا سداس، عن خلف الأحمر أنه أنشد أبياتاً غريبة فيها: من خماس إلى عشار، ومن قال: معنى {مَّثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [فاطر:1]: تسع، فغير معتد به ولا يصح في اللغة؛ لأن معنى مثنى عند أهل / العربية اثنين اثنين لا اثنين فقط، وأيضاً فإن من كلام العرب الاختصار، ولا يجوز أن يكون معناه تسعاً لأن لفظ التسع أخصر من مثنى وثلاث ورباع، وأيضاً فلو كان كذلك لما حل إلا نكاح تسع أو واحدة، ومدعي الأول الرافضة وطائفة من أهل الظاهر.
          وحديث غيلان السائر: ((أمسك أربعاً وفارق سائرهن)) يرده، وعليه عمل الصحابة والتابعين، وذاك من خصائصه، وما يروي الرافضة عن علي أو غيره من السلف فغير معروف.
          وقد ذهب بعض أهل الظاهر إلى إباحة الجمع بين ثماني عشرة تمسكاً بأن العدد في تلك الصيغ يفيد التكرار، وهو عجيب، وقد وافق ابن حزم الجمهور في ذلك فقال في كتابه: لا يحل لأحد أن يتزوج أكثر من أربع نسوة إماء وحرائر، أو بعضهن حرائر وبعضهن إماء. ولم يذكر فيه خلافاً، واستدل بحديث غيلان السالف، ثم قال: فإن قيل إن معمراً أخطأ فيه فأسنده.
          قلنا: من ادعى ذلك فعليه البرهان، أو هو ثقة مأمون.
          قال: ولم يختلف في جواز أكثر من ذلك أحد من أهل الإسلام، وخالف في ذلك قوم من الروافض لا يصح لهم عقد الإسلام.
          واستدل بعض المالكية بمطلق هذه الآية استواء العبد بالحر في ذلك، وهو المشهور عن مالك كما قاله ابن رشد، وهو قول ابن حزم، وأباه أبو حنيفة والشافعي فاقتصرا على اثنتين.
          ثم أسند (خ) حديث ابن جريج عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: ((أن رجلاً كانت له يتيمة فنكحها)) الحديث.
          وحديث الزهري عن عروة بن الزبير أنه سأل عائشة عن هذه الآية. قالت: يا ابن أختي، هي اليتيمة الحديث، وقد سلف في الوصايا.
          والخوف في [الآية]: الظن. وقيل: العلم. وتقسطوا: تعدلوا. وقسط بمعنى جار. وقوله: {ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللّهِ} [البقرة:282] أي: أعدل. ولعله بما جاء من الرباعي.
          واليتيم في بني آدم من فقد أباه، وفي البهائم من فقد أمه وما أصلها لما لا يعقل، وقد تجيء بمعنى الذي فتطلق على من يعقل كما هنا، وأبعد من قال: المراد بها هنا العقل؛ لقوله تعالى بعد ذلك: {مِنَ النِّسَاء} مبيناً. و{طَابَ}: حل، قال تعالى: {أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [البقرة:267]، وقيل: {طَابَ} هنا بمعنى: المحبة والاشتهاء.
          و(العذق) في حديث عائشة فسره الداودي بالحائط، والذي قاله أهل اللغة أنه بالفتح: النخلة وبالكسر: الكباسة، وهو ما في أكثر النسخ.
          وفيه من الفقه صداق المثل.
          وفيه: أن غير اليتيمة لها أن تنكح بأدنى من صداق مثلها؛ لأنه إنما خرج ذلك في اليتامى.
          وفيه: أن لولي اليتيمة أن ينكحها من نفسه إذا عدل في صداقها، وهو قول مالك والشافعي.