مجمع البحرين وجواهر الحبرين

{والنازعات}

          ░░░79▒▒▒ سورة والنازعات
          مكية ونزلت بعد سورة النبأ وقبل الانفطار، وفي {وَالنَّازِعَاتِ} [النازعات:1] وما بعده أقوال: الملائكة، الجبل، النجوم، الموت.
          (وقال مجاهد: {الْآيَةَ الْكُبْرَى} [النازعات:20]: عصاه ويده) أخرجه عبد عن شبابة، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عنه (الناخرة والنخرة، سواء مثل الطامع والطمع والباخل والبخيل) قال الفراء: وناخرة أجود، وقال بعضهم: النخرة البالية، والناخرة العظم المجوف التي تمر فيها الريح فتنخر؛ أي: تصوت ونخر الشيء بالكسر: بلي وتفتت، ونخر الريح: بالضم شدة هبوبها.
          (و{الطَّامَّةُ} [النازعات:34]: تطم كل شيء) أي: وهي القيامة، وهي عند العرب الداهية التي لا تستطاع (وقال ابن عباس: {الْحَافِرَةِ} [النازعات:10]: إلى أم[ر]ها الأول إلى الحياة) وقال مجاهد: الأرض.
          (وقال غيره: {أَيَّانَ مُرْسَاهَا} [النازعات:42] متى منتهاها، ومرسى السفينة حيث تنتهي) وروي عن عائشة أنه ◙ كان يسأل عن الساعة فلما نزلت هذه الآية انتهى ثم ساق حديث سهل بن سعد رأيت النبي صلعم قال بإصبعه هكذا الحديث وسلف. وخرجه في الطلاق والرقاق، و(م) في الفتن.
          وفي رواية: (وضم بين السبابة والوسطى)، وفي رواية: (قرن بينهما)، وروي بنصب (الساعة) وضمها، وهذا على العطف والأول على المفعول معه، والعامل بعثت، وكهاتين حال؛ أي مقرنين فعلى الأول يقع التشبيه بالضم، وعلى الثاني يحتمل هذا ويحتمل أن يقع بالتقارب الذي بين السبابة والوسطى في الطول، يوضحه قول قتادة في رواية: (يفضل إحداهما على الأخرى)، والحاصل: التعريف بسرعة مجيء القيامة.
          قال تعالى: {فَقَدْ جَاء أَشْرَاطُهَا} [محمد:18]. وذكر السهيلي أن الطبري ذكر الحديث: ((وإنما سبقتها بما سبقت هذه هذه)) أخرجه من طرق صححها، وأورد معها حديث ((ولن يعجز الله أن يؤخر هذه الأمة نصف يوم)) يعني: خمسمائة عام، وهو في معنى ما قبله، يشهد له ويبينه فإن الوسطى تزيد على السبابة بنصف سبع أصبع، كما أن نصف يوم من سبعة نصف سبع؛ لأنه قد روي عن ابن عباس موقوفاً من طرق صحاح أنه قال: الدنيا سبعة أيام كل يوم ألف سنة، وبعث نبينا في آخر يوم منها، وقد مضت منه سنون، أو مئون. وصحح الطبري هذا الأصل وعضده بآثار.
          قال السهيلي: وجدنا في حديث زمل الخزاعي. قلت: صوابه ابن زميل واسمه عبد الله فيما ذكره العسكري وغيره وقيل: الضحاك فيما ذكره الطبراني وليس خزاعيًّا، وإنما هو جهني، كما قاله الكلبي وغيره التي قال فيها: رأيتك يا رسول الله على منبر له سبع درجات وإلى جنبك ناقة عجفاء كأنك تبعثها، ففسر له ◙ الناقة بقيام الساعة التي أنذر بها، وقال ابن المنير: ودرجاته الدنيا وهي سبعة آلاف بعثت في آخرها ألفاً. والحديث وإن كان ضعيف الإسناد / ففي موقوف ابن عباس ما يعضده، وإذا قلنا: إنه ◙ بعث في الألف الأخير بعد ما مضى منه سنون ونظرنا إلى الحروف المقطعة في أوائل السور وجدناها أربعة عشر حرفاً يجمعها: (ألم يستطع نص حق نحوه) ثم نأخذ العدد بحساب أبي جاد، فنجدها تسعمائة وثلاثة ولم يسم الله في أوائل السور إلا في هذه الحروف فليس يبعد أن يكون من بعض مقتضياتها، وبعض فوائدها الإشارة إلى هذا العدد من السنين لما قدمناه من حديث الألف السابع، غير أن هذا الحساب فيحمل أن يكون من مبعثه أو من وفاته أو من هجرته.
          وقد روي أن المتوكل العباسي سأل جعفر بن عبد الواحد القاضي العباسي عما بقي من الدنيا فحدثه بحديث مرفوع: ((إن أحسنت أمتي فبقاؤها يوم من أيام الآخرة وذلك ألف سنة، وإن أساءت فنصف يوم)) ففيه تتميم للحديث المتقدم وبيان له.
          قال والدي ⌂:
          قال: ({أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ}) [النازعات:10] أي: الحالة الأولى يعني الحياة يقال رجع فلان في حافرته أي في طريقته التي جاء فيها وقال: ({أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَّخِرَةً}) [النازعات:11] أي: ناخرة أي: كلاهما بمعنى واحد وذلك بالنظر إلى أصل المعنى وإلا ففي النخرة مبالغة ليست في الناخرة وقيل: النخرة البالية والناخرة العظم المجوف التي تمر فيه الريح فيسمع له نخير أي: صوت.
          قوله: ({الْآيَةَ الْكُبْرَى}) [النازعات:20] أي: عصاه ويده.
          قوله: (أحمد بن مقدام) بكسر الميم وإسكان القاف وبالمهملة وبالميم، العجلي بكسر المهملة وسكون الجيم، و(فضيل) مصغر الفضل بالمعجمة ابن سليمان النميري مصغر النمر بالنون، و(أبو حازم) بالمهملة والزاي سلمة بن دينار، و(الساعة) بالنصب والغرض أن بعثة رسول الله صلعم من أشراط القيامة وهما متقاربان.