إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: إن الله أمرني أن أقرأ عليك

          4959- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ) بالموحدة والمعجمة المشددة، بُنْدار قال: (حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ) محمَّد بن جعفرٍ قال: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) بنُ الحجَّاج قال: (سَمِعْتُ قَتَادَةَ) بنَ دعامَة (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ☺ ) أنَّه قال: (قَالَ النَّبِيُّ صلعم لأُبَيٍّ) هو ابنُ كعبٍ: (إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا}[البينة:1]) وعند التِّرمذيِّ: «إنَّ الله أمرنِي / أنْ أقرأَ عليكَ القرآنَ» قال: فقرأَ عليهِ: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ}[البينة:1]. وزادَ الحاكمُ من وجهٍ آخرَ عن زرِّ(1) بنِ حُبيش(2) عن أُبيِّ بنِ كعبٍ: أنَّ النَّبيَّ صلعم قرأَ عليهِ: {لَمْ يَكُنِ} وقرأَ فيها: إنَّ الدِّين عند اللهِ الحنفيَّة لا اليهوديَّة ولا النَّصرانيَّة ولا المجوسيَّة، من يفعَل(3) خيرًا فلن(4) يكفرهُ، وخصَّ أُبيًّا للتَّنويه بهِ في أنَّه أقرأ الصَّحابة، فإذا قرأَ عليهِ صلعم مع عظيمِ(5) منزلتهِ كان غيرهُ بطريقِ التَّبع له. وقال الحافظُ ابنُ كثيرٍ: وإنَّما قرأ صلعم هذه السُّورة تثبيتًا له وزيادةً لإيمانهِ؛ لأنَّه كان أنكر على ابنِ مسعودٍ ╩ قراءة شيءٍ من القرآنِ على خلافِ ما أقرأه رسول الله صلعم ، فاستقرأهُما ╕ وقال لكلٍّ منهما: أصبتَ. قال أُبيٌّ: فأخذنِي الشَّكُّ، فضربَ(6) ╕ في صدرهِ، قال: ففضتُ عرقًا، وكأنَّما أنظرُ إلى اللهِ فرقًا، وأخبره(7) ╕ أنَّ جبريلَ أتاهُ فقال: «إنَّ اللهَ يأمركَ أن تُقرِئ أمَّتك القرآنَ على سبعةِ أحرفٍ» رواهُ أحمد والنَّسائيُّ وأبو داود ومسلم. فلمَّا نزلت هذه السُّورة قرأها ╕ قراءةَ إبلاغٍ وإنذارٍ، لا قراءةَ تعلُّم واستذكارٍ.
          (قَالَ) أبيٌّ له ╕ (وَسَمَّانِي) لك؟ (قَالَ) ╕ (8): (نَعَمْ. فَبَكَى) أبيٌّ فرحًا وسرورًا، أو(9) خشوعًا وخوفًا من التَّقصير في شكرِ تلكَ النِّعمة، وعند أبي نُعيم في «أسماء الصحابة» حديثٌ مرفوع لفظهُ: «إنَّ الله ليسمعُ قراءة {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا} فيقول: أبشِر عبدِي، فوعزَّتي لأمكننَّ لكَ‼ في الجنَّة حتَّى ترضَى» لكن قال الحافظُ عماد الدِّين: إنَّه(10) حديثٌ غريبٌ جدًّا.


[1] في (ص) و(د): «زيد»، وفي (ب): «رزين».
[2] في (د): «جحش».
[3] في (د): «فعل».
[4] في (د): «فلم».
[5] في (م): «عظم».
[6] في (د): «فضربه».
[7] في (د): «فأخبره».
[8] في (م) و(د) زيادة وجعلها من المتن: (نعم قال) أبيٌّ (وقد ذكرت عند رب العالمين قال).
[9] في (م): «و».
[10] «إنه»: ليست في (د).