إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث ابن عباس: كان رسول الله إذا نزل جبريل بالوحي

          4929- وبه قال: (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ) أبو رجاءٍ البَغْلانيُّ قال: (حَدَّثَنَا جَرِيرٌ) هو ابنُ عبدِ الحميد بن قُرْط _بضم القاف وبعد الراء الساكنة طاء مهملة_ الكوفيُّ (عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ) الكوفيِّ (عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ) ☻ (في قولهِ) تعالى: ({لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ}[القيامة:16] قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلعم إِذَا نَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ بِالوَحْيِ، وَكَانَ) ╕ (مِمَّا يُحَرِّكُ بِهِ لِسَانَه وَشَفَتَيْهِ) بالتَّثنية، واقتصرَ في روايةِ أبي عَوانة عن موسَى بنِ أبي عائشة في «بدءِ الوَحي» على ذكرِ الشَّفتين [خ¦5] وكذلك إسرائيل عن ابنِ أبي عائشَة في البابِ السَّابق قريبًا [خ¦4928] واقتصرَ سفيانُ على اللِّسان / ، والجميعُ مراد؛ إمَّا لأنَّ التَّحريكين متلازمانِ غالبًا، أو المرادُ يحرِّك به فمه المشتملُ على الشَّفتين واللِّسان، لكن لما كان اللِّسان هو الأصلَ في النُّطق اقتصَر في الآية عليهِ. قاله في «الفتح» (فَيَشْتَدُّ عَلَيْهِ) حالةَ نزولِ الوحي لثقلهِ؛ ولذا(1) كان يلحقهُ‼ البُرَحاء (وَكَانَ يُعْرَفُ مِنْهُ) ذلك الاشتدادُ حالةَ النُّزول عليه، وعندَ ابنِ أبي حاتمٍ من طريقِ يحيى التَّيميِّ، عن ابنِ(2) أبي عائشةَ: وكان إذا نزلَ عليه عُرف في تحريكِه شفتيه، يتلقَّى أوَّله ويحرِّك بهِ شفتيهِ خشيةَ أن ينسَى أوَّله قبلَ أن يفرغَ من آخرهِ (فَأَنْزَلَ اللهُ) تعالى بسببِ اشتدادهِ عليه (الآيَةَ الَّتِي فِي) سورة ({لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ}) وهي قولهُ تعالى: ({لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ. إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ}[القيامة:16-17] قَالَ: عَلَيْنَا أَنْ نَجْمَعَهُ فِي صَدْرِكَ) وعن قتادةَ فيما(3) رواهُ الطَّبريُّ: أنَّ معنى {جَمْعَهُ} تأليفَه (وَقُرْآنَهُ) أي: تقرَأه أنت ({فَإِذَا قَرَأْنَاهُ}) عليكَ بلسان جبريل ({فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ}) أي: (فَإِذَا أَنْزَلْنَاهُ؛ فَاسْتَمِعْ) زادَ أبو عَوانة في «بدءِ الوَحي»: وأنصت [خ¦5] ({ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ}[القيامة:19]) أي: (عَلَيْنَا أَنْ نُبَيِّنَهُ بِلِسَانِكَ. قَالَ) أي: ابنُ عبَّاس: (فَكَانَ) ╕ (إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ أَطْرَقَ) أي: سكتَ (فَإِذَا ذَهَبَ) جبريل (قَرَأَهُ) النَّبيُّ صلعم (كَمَا وَعَدَهُ اللهُ) زاد أبو ذرٍّ: ”╡“ على الوجهِ الَّذي ألقاهُ عليهِ.
          ({أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى}[القيامة:35] تَوَعُّدٌ) وتهديدٌ، والكلمةُ اسم فعل، واللام للتَّبيين، أي: وَلِيك ما تكره يا أبَا جهلٍ وقرب منك، وقوله: {فَأَوْلَى} أي: فهو أولى بكَ من غيرهِ، وثبت: ”{أَوْلَى...}“ إلى آخره لأبي ذرٍّ(4).


[1] في (د): «وكذا».
[2] قوله: «ابن»: ليست في (م).
[3] في (م): «مما».
[4] قوله: «وثبت: { أَوْلَى...} إلى آخره لأبي ذرٍّ»: ليست في (د).