إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

{لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي} الآية

          ░1▒ ({لَا تَرْفَعُوا}) ولأبي ذرٍّ: ”و{لَا تَرْفَعُوا}“(1) ({ أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} الاية[الحجرات:2]) أي: إذا كلَّمتمُوه؛ لأنَّه يدلُّ على قلَّةِ الاحتشامِ، وتركِ الاحترامِ، ومن خشيَ قلبه ارتجفَ، وضعفتْ حركتُهُ الدَّافعة، فلا يخرج منه الصَّوتُ بقوَّةٍ، ومن لم يخفْ بالعكسِ، وليس المراد بنهي الصَّحابةِ عن ذلك أنَّهم كانوا مباشرين ما يلزم منه الاستخفافُ والاستهانةُ، كيف وهم خيرُ النَّاس؟ بل المرادُ أنَّ التَّصويتَ بحضرتهِ مباينٌ لتوقيرهِ وتعزيرهِ.
          ({تَشْعُرُونَ}) أي: (تَعْلَمُونَ. وَمِنْهُ: الشَّاعِرُ) والمعنى: أنَّكم إن رفعتُم أصواتكُم وتقدَّمتُم؛ فذلك يؤدِّي إلى الاستحقارِ، وهو يفضِي إلى الارتدادِ، وهو محبطٌ، وقوله: { وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ}[الحجرات:2] إشارةٌ إلى أنَّ الرِّدَّة تتمكَّنُ من النَّفسِ بحيث لا يشعرُ الإنسانُ، فإنَّ من ارتكبَ ذنبًا لم يرتكبْهُ في عمرهِ تراهُ نادمًا غايةَ النَّدامةِ خائفًا غايةَ الخوفِ، فإذا ارتكبه مرارًا قلَّ خوفُهُ وندامتُهُ ويصيرُ عادةً، أعاذَنَا الله من سائرِ المكروهاتِ.


[1] في (س): «ولأبي ذر: باب، بالتنوين {لَا تَرْفَعُوا}».