إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

حديث: كان مروان على الحجاز استعمله معاوية فخطب

          4827- وبه قال: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ) التَّبوذكيُّ قال: (حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ) الوضَّاح (عَنْ أَبِي بِشْرٍ) بكسر الموحدة وسكون المعجمة، جعفر بنُ أبي وحشيَّة (عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكٍَ) بفتح الهاء، يصرفُ ولا يصرف، ومعناه: قُمير، مصغَّر القمرِ، أنَّه (قَالَ: كَانَ مَرْوَانُ) بنُ الحكمِ الأمويِّ أميرًا (عَلَى الحِجَازِ، اسْتَعْمَلَهُ مُعَاوِيَةُ) بنُ أبي سفيانَ عليه، وعند النَّسائيِّ: أنَّه كان عاملًا على المدينةِ، وعند الإسماعيليِّ «فأراد معاويةُ أن يستخلفَ يزيد _يعني: ابنه_ فكتبَ إلى مروانَ بذلك فجمع مروان النَّاس» (فَخَطَبَ، فَجَعَلَ يَذْكُرُ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ لِكَيْ يُبَايِعَ لَهُ بَعْدَ أَبِيهِ) وفي رواية الإسماعيليِّ: «وقال: إنَّ الله أَرى أميرَ المؤمنينَ في يزيد رأيًا حسنًا، وإن يستخلفهُ فقد استخلفَ أبو بكر عمر(1)» (فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ) الصِّدِّيق (شَيْئًا) لم يبيِّنه، ولأبي يعلى وابن أبي حاتمٍ: فقال _أي: عبد الرحمن_: هرقليَّة، إنَّ أبا بكر والله ما جعلَها في أحدٍ من ولدهِ، ولا في أهلِ بيتهِ، وما جعلها معاويةُ إلَّا كرامةً لولده. ولابنِ المنذرِ: أجئتُم بها هرقليَّة؟ تبايعونَ لأبنائِكم؟ (فَقَالَ) أي: مروان لأعوانه (خُذُوهُ) أي: عبد الرَّحمن (فَدَخَلَ بَيْتَ) أخته (عَائِشَةَ) ملتجئًا بها (فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ) أي: امتنعُوا أن(2) يخرجُوه من بيتِها إعظامًا لها، وعند أبي يعلى: فنزلَ مروان عن المنبرِ حتَّى أتى باب عائشةَ، فجعلَ يكلِّمها وتكلِّمهُ، وسقطَ «عليه» من «اليونينية»، وثبت في الفرع وغيره(3) (فَقَالَ مَرْوَانُ: إِنَّ هَذَا) يعني: عبد الرَّحمن (الَّذِي أَنْزَلَ اللهُ فِيهِ: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَا أَتَعِدَانِنِي}[الأحقاف:17] فَقَالَتْ عَائِشَةُ مِنْ وَرَاءِ الحِجَابِ: مَا أَنْزَلَ اللهُ فِينَا) آل أبي بكر (شَيْئًا مِنَ القُرْآنِ إِلَّا أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ عُذْرِي) عن قصةِ أهل الإفكِ. وعند الإسماعيليِّ: «فقالت عائشة: كذبت(4)، واللهِ ما نزلَتْ فيه»، وفي رواية له «والله ما أُنزلَتْ إلَّا في فلانِ بن فلان الفلاني» وفي رواية: ”لو شئتَ أن أسمِّيه لسمَّيتهُ، ولكن رسول الله صلعم لعن أبا مروان ومروان في صلبهِ“، فالصَّحيح أنَّ الآية نزلت في الكافرِ العاقِّ، ومن زعم أنَّها نزلت في عبد الرَّحمن فقوله ضعيفٌ؛ لأنَّ عبد الرَّحمن قد أسلم وحسُن إسلامهُ وصارَ من خيارِ(5) المسلمينَ، ونفيُ عائشة أصحُّ إسنادًا ممَّن روى غيره وأولى بالقبولِ.


[1] في (ص) و(ل) و(م): «وعمر».
[2] في (م): «أي».
[3] قوله: «وسقطَ «عليه» من اليونينية، وثبت في الفرع وغيره»: ليس في (د).
[4] في (م) و(ب): «كذب»، وكذا في «الفتح».
[5] في (م) و(د): «كبار».