إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب قوله:{هذان خصمان اختصموا في ربهم}

          ░3▒ هذا (بَابٌ) بالتَّنوين، وسقط لغير أبي(1) ذرٍّ (قَوْلُهُ) تعالى: ({هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ}[الحج:19]) أي: في دين ربِّهم، والخصمُ في الأصل مصدرٌ، فيوحَّد ويذكَّر غالبًا؛ كقوله: {نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ}[ص:21] ويجوز أن يُثنَّى ويُجمَع ويؤنَّث كهذه الآية، ولمَّا كان كلُّ خَصْمٍ فريقًا يَجمع طائفةً قال: اختصموا، بصيغة الجمع، كقوله: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا}[الحجرات:9] فالجمعُ مراعاةٌ للمعنى، وقال في «الكشاف»: الخصمُ صفةٌ وُصِفَ بها الفوجُ أو الفريق، فكأنَّه قيل: هذان فوجان أو فريقان يختصمان، وقوله: { هَذَانِ} للفظ، و{ اخْتَصَمُوا } للمعنى، قال في «الدر»: إن عَنَى بقوله: إنَّ الخصم صفةٌ بطريق الاستعمال المجازي فمُسلَّم؛ لأنَّ المصدر يكثُر الوصف به، وإن أراد أنَّه صفةٌ حقيقةً فخطؤه ظاهرٌ؛ لتصريحهم بأنَّ «رجلٌ خصمٌ»، مثلُ «رجلٌ عدْلٌ».


[1] في (د) و(م): «لأبي».