إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

قوله:{الذين جعلوا القرآن عضين}

          ░4▒ (قَوْلُهُ) ولأبي ذَرٍّ: ”باب قوله“ ╡: ({ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ}[الحجر:91]) نعتٌ لـ {المُقْتَسِمِينَ} أو بدلٌ منه، أو بيانُ ({ المُقْتَسِمِينَ}) أي: (الَّذِينَ حَلَفُوا) جعله من القسَم لا من القِسمة، أي: مثل ما أنزلنا(1) على الرَّهط الَّذين تقاسموا على أن يبيِّتوا صالحًا، وذلك في قوله تعالى: {قَالُوا (2) تَقَاسَمُوا بِاللهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ}[النمل:49] قال في «الكشَّاف»: والاقتسام بمعنى التَّقاسم، ولعلَّ المؤلِّف اعتمد في هذا القول على ما رواه الطَّبريُّ(3) عن مجاهدٍ: أنَّ المراد بقوله: {المُقْتَسِمِينَ} قومُ صالحٍ الَّذين تقاسموا على هلاكه(4) (وَمِنْهُ) أي: من معنى: المقتسمين ({لَا أُقْسِمُ}[القيامة:1] أَيْ: أُقْسِمُ) فـ «لا» مقحمةٌ (وَتُقْرَأُ {لَا أُقْسِمُ}) بغير مدٍّ؛ وهي قراءة ابن كثيرٍ، على أنَّ اللَّام جوابٌ لقسمٍ مقدَّرٍ، تقديره: لأنا(5) أقسم، أو والله لأنا أقسم ({وَقَاسَمَهُمَا}[الأعراف:21]) ولأبي ذَرٍّ: ”{وَقَاسَمَهُمَا}“ أي: (حَلَفَ لَهُمَا) أي حلف إبليس لآدم وحوَّاء (وَلَمْ يَحْلِفَا لَهُ) فليس هو من باب المفاعلة (وَقَالَ مُجَاهِدٌ) فيما أخرجه الفريابيُّ: ({قَاسَمُوا}) {بِاللهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ}[النمل:49] أي: (تَحَالَفُوا) وقد مرَّ، والجمهور على أنَّه من القسمة.


[1] في (د): «أي: كما أنزلنا».
[2] «{ قَالُوا}»: ليس في (د).
[3] في (د): «الطَّبراني»، وهو تحريفٌ.
[4] في (ب) و(س): «إهلاكه».
[5] في (د) و(م): «فلأنا».