إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب:{ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرًا}

          ░3▒ هذا (بابٌ) بالتَّنوين، وهو ساقطٌ لغير أبي ذَرٍّ، في قوله تعالى: ({أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْرًا}[إبراهيم:28]) قال أبو عبيدة: (أَلَمْ تَعْلَمْ) ولأبي ذَرٍّ: ”ألم تر(1)“ (كَقَوْلِهِ) تعالى: ({أَلَمْ تَرَ كَيْفَ} {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُواْ}[البقرة:243]) إذ الرُّؤية بالأبصار غير حاصلةٍ، إمَّا لتعذُّرها(2) أو لتعسُّرها(3) عادةً، وفي الآية حذف مضافٍ، أي: غيَّروا شكر نعمة الله كفرًا بأن وضعوه مكانه، وقولُ صاحب «الأنوار» _كالكشَّاف_: «أو بدَّلوا نَفْسَ النِّعمة كفرًا، فإنَّهم لمَّا كفروها؛ سُلِبت منهم، فصاروا تاركين لها محصِّلين الكفر‼ بدلها» تُعُقِّب بأنَّه ليس بقويٍّ؛ لأنَّه يقتضي حدوث الكفر حينئذٍ، وهم قد كانوا كفَّارًا من قبل، وهذا ظاهرٌ لا خفاءَ فيه.
          (البَوَارُ) في قوله تعالى: {وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ}[إبراهيم:28] هو (الهَلَاكُ) قال:
فَلَمْ أَرَ مِثْلَهَم أَبْطَالَ حَربٍ                     غداةَ الرَّوعِ إِذْ خِيْفَ البَوارُ
وأصله من الكساد؛ كما قيل: كسد حتَّى فسد، ولمَّا كان الكساد يؤدِّي إلى الفساد والهلاك؛ أُطْلِق / عليه البوار، والفعل منه: (بَارَ يَبُورُ بَوْرًا) بفتح الموحَّدة وسكون الواو ({قَوْمًا بُورًا}[الفرقان:18]) أي: (هَالِكِينَ) قاله أبو عبيدة وغيره، ويحتمل أن يكون {بُورًا} مصدرًا وُصِفَ به الجمع، وأن يكون جمع بائرٍ في المعنى، ومن وقوع البور على الواحد قولُه:
يَا رَسُولَ المليكِ إنَّ لِسَاني                     رَاتقُ ما فتقتَ إِذْ أنا بُورُ
وثبت قوله: ”{قَوْمًا بُورًا}“ لأبي ذرٍّ(4).


[1] «ولأبي ذرٍّ: ألم تر»: سقط من (د).
[2] في (ص): «لتعدِّيها»، ولا يصحُّ.
[3] في (ص) و(م): «لتعسيرها».
[4] «وثبت قوله: { بُورًا} لأبي ذرٍّ»: سقط من (د) و(م).