إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب قوله:{كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء}

          ░1▒ (باب قوله) تعالى: ({كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ}) مثمرةٍ طيِّبةٍ الثِّمار؛ كالنَّخلة وشجرة التِّين والعنب والرُّمَّان ({أَصْلُهَا ثَابِتٌ}): راسخٌ في الأرض ضاربٌ بعروقه فيها آمنٌ من(1) الانقطاع والزَّوال ({وَفَرْعُهَا (2)}): أعلاها ({فِي السَّمَاء}) لأنَّ ارتفاع الأغصان يدلُّ على ثبات الأصل، ومتى ارتفعت كانت بعيدةً عن عفونات الأرض، فثمارها نقيَّةٌ طاهرةٌ عن جميع الشَّوائب ({تُؤْتِي أُكُلَهَا}) تعطي ثمرها ({ كُلَّ حِينٍ}[إبراهيم:24-25]) أَقَّتَهُ الله تعالى لأثمارها، وقال الرَّبيع بن أنسٍ البكري(3): { كُلَّ حِينٍ} أي: غدوةً وعشيَّةً؛ لأنَّ ثمر النَّخل يُؤكَل أبدًا ليلًا ونهارًا، صيفًا وشتاءً، إمَّا تمرًا أو رطبًا أو بسرًا؛ كذلك عمل المؤمن يصعد أوَّل النهار وآخره، وبركةُ إيمانه لا تنقطع أبدًا، بل تتَّصل إليه في كلِّ وقتٍ، والاستفهام في قوله: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً}[إبراهيم:24] للتَّقرير(4)، وفائدته: الإيقاظ له، أي: ألم تعلم، والكلمة الطيِّبة كلمة التَّوحيد، أو كلُّ كلمةٍ حسنةٍ؛ كالحمد والاستغفار والتَّهليل، وعن ابن عبَّاسٍ: هي شجرةٌ في الجنَّة، أصلها ثابتٌ في الأرض وأعلاها في السَّماء‼، كذلك أصل هذه الكلمة راسخٌ في قلب المؤمن بالمعرفة والتَّصديق، فإذا تكلَّم بها عرجت، ولا تُحجَب حتَّى تنتهيَ إلى الله تعالى، قال ╡: { إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}[فاطر:10] وسقط قوله: «باب قوله» لغير أبي ذَرٍّ، وله: ”{وَفَرْعُهَا}...“ إلى آخره وقال بعد قوله: {ثَابِتٌ}: ”الآيةَ“.


[1] «مِن»: ليس في (د).
[2] في (ب): «فروعها».
[3] «البكريُّ»: مثبتٌ من (ص).
[4] في (د): «للتَّقدير»، وهو تحريفٌ.