إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

باب:{قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعًا}

          ░3▒ (بابٌ) بالتَّنوين، وهو ثابتٌ(1) لأبي ذرٍّ ({قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ}) شاملٌ للعرب وغيرهم؛ كأهل الكتاب ({ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا}) حالٌ من المجرور بـ «إلى»، وفيه ردٌّ على العيسويَّة من اليهود أتباع عيسى الأصبهانيِّ الزَّاعمين تخصيصَ إرساله(2) ◙ بالعرب، وقيل: المراد {بالنَّاسُ}: العقلاء ومَن تبلغه الدَّعوة ({الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}) نصبٌ بـ «أعني»، أو جرٌّ نعتٌ للجلالة، وإن حيل(3) بين النَّعت والمنعوت بما هو مُتَعلَّق المضاف إليه، ومناسبة ذكر السَّموات والأرض هنا الإشعار بأنَّ له تخصيص من شاء بما شاء؛ من تخصيص الرِّسالة وتعميمها ({لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ}) جملةٌ لا محلَّ لها من الإعراب، أو بدلٌ من الصِّلة التي هي: {لَهُ (4) مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} ولقائلٍ أن يقول: الأَولى الاستئناف، ويكون كالجواب لمن سأل: لماذا اختصَّ بذلك؟ فأجيب بأنَّه المتوحِّد بالألوهيَّة، وقوله: ({يُحْيِـي وَيُمِيتُ}) يَجري مَجرى الدليل على ذلك ({فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ}) الذي لا يخطُّ كتابًا بيده ولا يقرؤه، وقد وُلِدَ في قومٍ أُمِّيِّين، ونشأ بين أظهرهم في بلدٍ ليس به عالمٌ يعرف أخبار الماضين، ولم يخرج في سفرٍ ضاربًا إلى عالِمٍ فيعكف عليه، فجاءهم بأخبار التَّوراة والإنجيل والأُمم الماضية إلى غير ذلك من العلوم التي تعجز عن بلوغها القوى البشرية، ممَّا لا يُرتاب أنَّه أمرٌ إلهيٌّ ووحيٌ سماويٌّ ({الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَكَلِمَاتِهِ}) المنزَّلة عليه وعلى سائر الرُّسل؛ من كتبٍ ووحيٍ، وقراءة: {وَكَلِمَاتِهِ} _بالإفرادُ_ يراد بها الجِنس، أو القرآن، أو عيسى، وفي حديث عبادة بن الصَّامت عند البخاريِّ [خ¦3435] مرفوعًا: «من قال(5): أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنَّ محمَّدًا عبده ورسوله، وأنَّ عيسى عبد الله ورسوله وكلمته...» الحديث، قال في الأنوار: أُريد بالكلمة في الآية عيسى؛ تعريضًا باليهود، وتنبيهًا على أنَّ من لن يؤمن به لم يُعتَبر إيمانهُ، وقال غيره: لعلَّه أراد كلمة «كُنْ»، وخُصَّ بها عيسى؛ لأنَّه لم يوجد بغيرها، وإن كان غيره(6) كذلك؛ لكنه يُنسَب إلى نُطفة الأب في الجملة ({وَاتَّبِعُوهُ}) اسلكوا طريقه، واقتفوا أثره ({لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}[الأعراف:158]) إلى الصِّراط المستقيم، وسقط لغير أبي ذرٍّ لفظ «باب» وله من قوله: «{لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ}...» إلى آخرها، وقال بعد قوله: {وَالأَرْضِ}: ”الآيةَ“ وثبت ذلك للباقين.


[1] في (د) و(م): «ساقطٌ»، وليس بصحيحٍ.
[2] في (د): «رسالته».
[3] في (ج): «فصل»، وبهامشها: بخطِّه: «حيل».
[4] {لَهُ}: سقط من (ص).
[5] «من قال»: ليس في (د).
[6] «غيره»: سقط من (ص).