الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب بيع الميتة والأصنام

          ░112▒ (باب بَيْعِ الْمَيْتَةِ وَالأَصْنَامِ) أي: تحريمِ بيعِهما، وتقدَّمَ أنَّ الميتةَ _بفتح الميم_: الزائلةُ الحياةِ بغير ذَكاةٍ شرعيَّةٍ، وأما بكسرِها فهي الهيئةُ، وليست بمُرادةٍ هنا، ونقلَ ابنُ المنذِرِ وغيرُه الإجماعَ على تحريمِ بيعِها، واستُثني منها مَيتةُ السَّمكِ والجَرادِ، فإنها من الطَّاهرِ الحلالِ الجائزِ بيعُه اتِّفاقاً.
          و((الأصنام)) بفتح الهمزة؛ جمع: صَنَمٍ _بفتحتين_، وهو بمعنى: الوثَنِ، كما قاله الجَوهريُّ، وفرَّقَ بينهما ابنُ الأثيرِ في ((النِّهاية)) فقال: الصَّنمُ: ما اتَّخذَه الكفَّارُ إلهاً من دونِ الله تعالى، وقيل: هو ما كان له جِسمٌ أو صورةٌ، فإن لم يكُنْ له جِسمٌ أو صورةٌ فهو وثَنٌ.
          وقال في حرفِ الواو: الفَرقُ بين الوثَنِ والصَّنمِ أنَّ الوثنَ: كلُّ ما له جثَّةٌ معمولةٌ من جواهِرِ الأرضِ أو من الخشَبِ والحجارةِ كصورةِ الآدميِّ، يُعملُ وينصَبُ فيعبَدُ، والصنمُ: الصُّورةُ بلا جثَّةٍ، ومنهم مَنْ لم يفرِّقْ بينهما، وأطلقَها على المعنيَين، وقد يُطلقُ الوثنُ على غيرِ الصُّورةِ، ومنه حديثُ عديِّ بنِ حاتمٍ: ((قدِمتُ على النبيِّ صلعم وفي عُنقي صليبٌ من ذَهبٍ، فقال لي: ألقِ هذا الوثَنَ عنك))، انتهى.
          ويتلخَّصُ من كلامِهِ على الفَرقِ بينهُما أنَّهما مُتغَايرانِ، فتدبَّرْه.
          وقال غيرُه: الوثَنُ: ما له جُثَّةٌ، والصَّنمُ: ما كان مصوَّراً، فبينهما عمومٌ وخصوصٌ وجهيٌّ، فإن كان مصوَّراً فهو وَثَنُ وصَنَمٌ.