الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب: لا يبيع حاضر لباد بالسمسرة

          ░70▒ (بَابٌ: لَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ بِالسَّمْسَرَةِ) أي: بسينين مهملتين مفتوحتين، وتقدَّمَ معناها في البابِ قبلَه، وأنَّها مصدرُ: سمسَرَ، ولأبوَي ذرٍّ والوقتِ والأصيليِّ / وابنِ عساكِر: <لا يشتَري> بدَلَ قولِه: ((لا يَبيعُ))، فيكونُ قياساً على البيعِ، أو استعمالهُ للفظِ البيعِ في البيع والشِّراءِ (وَكَرِهَهُ) أي: كرِهَ البيعَ والشِّراءَ المذكورينِ (ابْنُ سِيرِينَ) أي: محمَّدٌ فيما وصله أبو عوانةَ.
          (وَإِبْرَاهِيمُ) أي: النَّخعيُّ (لِلْبَائِعِ وَللْمُشْتَرِي) ولأبي ذرٍّ كما في الفرعِ: <والمشتَري> ورواهُ أبو داودَ من طريقِ أبي هلالٍ عن ابنِ سيرينَ عن أنسٍ: ((كانَ يقالُ: لا يبيعُ حاضرٌ لبادٍ، وهي كلمةٌ جامعةٌ لا يبيعُ له شيئاً، ولا يبتاعُ له شيئاً)).
          قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: ولم أقفْ لإبراهيمَ النَّخعيِّ على ذلك صريحاً.
          (وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ) أي: النَّخعيُّ (إِنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ: بِعْ لِي) باللام (ثَوْباً) أي: ومثلُه غيرُه (وَهْيَ) أي: العربُ (تَعْنِي) بالفوقية؛ أي: تقصدُ بقولِها المذكورِ (الشِّرَاءَ) وللحمويِّ والمستمليِّ: <وهو> يعني بالتذكيرِ؛ أي: القائلُ من العربِ أو بعضِهم، وإطلاقُ البيعِ على البيع والشِّراءِ جائزٌ مجازاً، لا سيَّما عند من جوَّزَ استعمالَ المشترَكِ في معنيَيه، لكنِ استُشكلَ بأنَّهما ضدَّانِ، فلا تصحُّ إرادتُهما معاً، قاله الكرمانيُّ.
          وأجابَ البرماويُّ بأنَّه لا تضادَّ في استعمالِهمَا؛ كالقُرء للطُّهرِ والحيضِ؛ يعني: فالتضادُّ في معناهُما لا يستلزمُ التضادَّ في استعمالِهما، فتأمَّل.
          وقال ابنُ حبيبٍ من المالكيَّةِ: الشِّراءُ للبادي مثلُ البيعِ؛ لقولِهِ صلعم: ((لا يبِعْ بعضُكم على بيعِ بعضٍ)) فإنَّ معناهُ الشِّراءُ.
          وعن مالكٍ في ذلك رِوايتانِ.