الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب: {وإذا رأوا تجارةً أو لهوًا انفضوا إليها}

          ░11▒ (بَابٌ) بالتنوين، ويجوزُ تَركُه؛ أي: بابُ قولِه تعالى: ({وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا} [الجمعة:11]) تقدَّمَتْ الآيةِ الأولى قريباً في بابٍ مخصُوصٍ بهذا اللفظ، وتقدَّمَ الكلامُ عليه.
          (وَقَوْلُهُ تعالى) وفي بعضِ الأصُول: <جلَّ ذِكرُه> ({رِجَالٌ لاَ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [النور 37] وَقَالَ قَتَادَةُ) أي: ابنُ دِعامةَ (كَانَ القَوْمُ) أي: الصَّحابةُ (يَتَّجِرُونَ) بالجيم (وَلَكِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا نَابَهُمْ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ، لَمْ تُلْهِهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، حَتَّى يُؤَدُّوهُ إِلَى اللَّهِ) وأما الآية الثانية وما بعدها فتقدَّمَ أيضاً قريباً في بابِ: التِّجارةِ في البَرِّ وغيرِه، وهذا على ما في روايةِ المُستمليِّ من ذِكرِه هنا كالأبوابِ السابقة، وسقطَ لغيرِه إلا النسفيَّ، فإنه ذكرَه هنا لا فيما مرَّ، وكذا وقعَ مكرَّراً في نسخةِ الصَّغانيِّ، وهذا يؤيِّدُ ما تقدَّمَ عن أبي ذرٍّ أنَّ أصلَ البخاريِّ كان عندَ الفِرَبريِّ، وكانت فيه إلحاقاتٌ في الهوامش وغيرِها، وكان كلُّ مَن ينسخُ يضَعُ الملحَقَ في الموضِعِ الذي يظُنُّه لائقاً به، فمن ثم وقعَ الاختلافُ في التَّقديمِ والتأخير، وبعضُهم احتاطَ، فكتَبَ الملحَقَ في موضعَين، فنشأ عنه التَّكرار، قاله في ((الفتح)) وزاد: وتكلَّفَ بعضُ الشُّراحِ في توجيهِه، فقال: ذكرَ الآيةَ هنا لمنطوقِها؛ وهو: الذمُّ، وذَكرَها هناك لمفهومِها؛ وهو: تخصيصُ وقتِها بحالةِ غيرِ التلبُّسِ بالصَّلاة وسماعِ الخُطبةِ، انتهى.
          وأقول: هذا البعضُ هو الدَّمامينيُّ في ((المصابيح)) كما قدَّمناه عنه، وهو أَولى من دعوى التَّكرار.