الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب من رأى إذا اشترى طعامًا جزافًا أن لا يبيعه حتى يؤويه

          ░56▒ (باب مَنْ رَأَى) أي: اعتقد (إِذَا اشْتَرَى طَعَاماً جِزَافاً) بتثليث الجيم، فارسيٌّ معرَّبٌ، قاله الكرمانيُّ، وزاد في ((القاموس)): ((الجزافةُ مثلَّثةٌ))، وقال في ((النِّهاية)): ((الجِزافُ والجَزْفُ: المجهولُ القدْرِ، مكيلاً كان أو مَوزوناً))، وقال في ((الصِّحاح)): ((الجَزْفُ: أخذُ الشَّيءِ مُجازفةً وجِزافاً، فارسيٌّ معربٌ)).
          وفي ((المصباح)): ((الجِزافُ: بيعُ الشَّيءِ لا يُعلمُ كيلُه ولا وزنُه، وهو اسمٌ من جازَفَ مُجازَفةً، من بابِ: قاتَلَ، والجُزافُ _بالضم_: خارجٌ عن القياسِ، قال بعضُهم: وهو تعريبُ: كزافٍ، ومن هنا قيل: أصلُ الكلمةِ دَخيلٌ في العربيَّة، قال ابنُ القطَّاع: جزَفَ في الكيلِ جَزْفاً: أكثَرَ منه، ومنه: الجزافُ والمجازَفةُ في البيعِ؛ وهو: المساهلةُ، ويقالُ لمنْ يُرسِلُ كلامَه إرسالاً من غير قانونٍ: جازَفَ في كلامه، فأُقيمَ نهجُ الصَّوابِ مقامَ الوزنِ والكيلِ))، انتهى.
          (أَنْ لاَ يَبِيعَهُ) أي: الطَّعامَ (حَتَّى يُؤْوِيَهُ) بضم أوله؛ أي: يحوِّلَه (إِلَى رَحْلِهِ) أي: منزلِهِ، والمرادُ: حتَّى ينقُلَه إلى محلٍّ لا اختصاصَ للبائعِ به، ولو عاريةً، وفي نسخةٍ: <إلى رحالِه> بالجمع (وَالأَدَبِ) بفتحين وإهمال الدال، عطفٌ على: ((مَن)) الموصولةِ أو الموصوفةِ (فِي ذَلِكَ).