الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب بيع العبد الزاني

          ░66▒ (بابُ بَيْعِ الْعَبْدِ الزَّانِي) من إضافةِ المصدرِ إلى مفعولِه بعد حذفِ الفاعلِ؛ أي: بابُ جَوازِ بل نَدبِ بيعِ الإنسانِ عبدَه الزَّانيَ، لكن مع بيانِ زناهُ.
          (وَقَالَ شُرَيْحٌ) بالشين المعجمة أوله والحاء المهملة آخره مصغَّراً، مشهورٌ، وتقدَّم مراراً (إِنْ شَاءَ) أي: المشتري (رَدَّ مِنَ الزِّنَا) أي: لأجلِ الزِّنا عند بائعه، وإن لم يتكرَّرْ، وإن تابَ منه، فإنه عيبٌ، سواءٌ كان الرَّقيقُ الزَّاني ذكَراً أو أنثى، ولو صَغيراً، وهذا مذهبُ الجمهورِ.
          وعند الحنفيَّةِ: لا ردَّ إلا في الأمَةِ؛ لأنَّ الغالبَ أنَّ الافتراشَ وطلبَ الولدِ مقصودٌ فيها، والزِّنا يُخلُّ بذلك، فهو عيبٌ فيها دونَ العبدِ؛ لأنَّ المقصودَ منه الاستخدامُ.
          قال العينيُّ: وكذلك إذا كانت بنتَ الزِّنا، فهو عيبٌ.
          وفي ((الأمالي)) لمحمَّدٍ: الزِّنا في الجاريةِ عيبٌ، وإن لم تزنِ عنده؛ للُحوقِ العارِ بأولادِها، والمذهبُ أنَّ العُيوبَ كلهَّا لا يردُّ بها المشتري إلا إذا وُجِدَت عنده، سوى الزِّنا من الجاريةِ، فإنه لا يردُّ به مُطلقاً، كما قال محمَّدٌ، انتهى ملخَّصاً.
          وسقطَ هذا الأثرُ للكُشميهنيِّ والحمويِّ، وقد وصَلَه سعيدُ بن منصورٍ بسندٍ صحيحٍ من طريقِ ابنِ سيرينَ، قال: إنَّ رجُلاً اشترى من رجلٍ جاريةً كانت فجرَتْ، ولم يعلَمْ بذلك المشتري، فخاصمَهُ إلى شُريحٍ، فقال: إنْ شاءَ ردَّ من الزِّنا.