الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب بيع النخل قبل أن يبدو صلاحها

          ░86▒ (بَابُ بَيْعِ النَّخْلِ): أي: بيانِ حُكمِ بيعها (قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلاَحُهَا): بتأنيثِ الضَّميرِ؛ لأنَّه يجوزُ في النَّخلِ التَّذكيرُ والتأنيثُ، قال في ((الفتح)): هذه التَّرجمةُ معقودةٌ لحكمِ بيعِ الأصولِ، والتي قبلَها لحكمِ بيع الثِّمارِ، واعترَضَه العينيُّ فقال: هذا الكلامُ فاسدٌ، بل كلٌّ من التَّرجمتَين معقودٌ لبيعِ الثِّمارِ، ألا تراه قالَ في الحديثِ: ((حتَّى تزهو))، والزَّهي صفةُ الثَّمرةِ لا صاحبتُها، إلَّا أنَّ الأولى عامَّةٌ لثمارِ النَّخلِ وغيره، وهذه خاصَّةٌ بثمارِ النَّخلِ، قال: وليسَ المرادُ بيعَ عينِ النَّخلِ؛ لأنَّ ذاك لا يحتاجُ إلى أن يُقيَّد ببدوِّ الصَّلاحِ وعدمه، فالتَّرجمةُ على تقديرِ بيعِ ثمرٍ وعن ثمرِ النَّخل، انتهى ملخَّصاً، وأجابَ في ((الانتقاض)): بأنَّه قد فاتَ العينيَّ أنَّه ينقسمُ إلى بيعِ النَّخلِ دون الثَّمرةِ أو بالعكسِ أو هما معاً، ففي الأوَّلِ لا يتقيَّدُ بصلاحِ الثَّمرةِ دون الأخيرين، انتهى.
          وفيه كما قالَ شيخُ الإسلامِ: إنَّه لا يُشترطُ في بيعهما معاً بدوُّ الصَّلاحِ، وقد شرطَه في التَّرجمةِ، ومن ثمَّ اختارَ أنَّ في الكلامِ حذفَ مضافٍ؛ أي: بيعِ ثمارِ النَّخلِ، قال: وعليه فلا يحصلُ الفرقُ بين التَّرجمتَين إلَّا في اللَّفظِ، وليس فيه كبيرُ جدوى، انتهى.
          وفيه أنَّ الأَولى عامَّةٌ والثَّانيةَ خاصَّةٌ كما قاله العينيُّ، فبينهما فرقٌ في المعنى لا في اللَّفظِ، وكأنَّه حملَ الثِّمارَ في الأُولى على ثمارِ النَّخلِ، فتأمَّل.