الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب: إن شاء رد المصراة وفى حلبتها صاع من تمر

          ░65▒ (باب إِنْ شَاءَ) أي: المشتري، وجملةُ: (رَدَّ الْمُصَرَّاةَ) جوابُ: ((إن))، وجملةُ: (وَفِي حَلْبَتِهَا صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ) حاليةٌ، وحَلْبة _بفتح الحاء المهملة وسكون اللام_ اسمُ الفعلِ، وبفتحِها: بمعنى: المحلوبِ.
          وفي ((الصِّحاح)): الحلَبُ _بالتحريك_: اللَّبنُ المحلوبُ، والحلَبُ أيضاً: مصدرُ: حلبَ النَّاقة يحلُبُها حَلَباً، وأشار بهذا إلى أنَّ التَّمرَ في مُقابلةِ اللَّبنِ، قليلاً كان أو كثيراً، وزعمَ ابنُ حزمٍ أنَّ التَّمرَ في مُقابلةِ الحلَبِ لا اللَّبن، والأولُ أخصُّ، فافهم.
          قال: ((لأنَّ الحلَبةَ حقيقةٌ في الحلَبِ، مجازٌ في اللَّبنِ، والحملُ على الحقيقةِ أولى، فلذلك قال: يجبُ ردُّ التَّمر واللَّبن معاً))، / وشذَّ بذلك عن الجمهورِ، قاله في ((الفتح)) و((العمدة)).
          وكأنَّ القياس ردُّ عينِ اللَّبنِ أو مثلِهِ إذا تلفَ، لكنْ لمَّا تعذَّر ذلك باختلاطِ ما حدثَ بعد البيعِ في ملكِ المشتري بالموجودِ حالَ العقدِ، وذلك مُفضٍ إلى الجهلِ بقَدرِه، عيَّنَ الشَّارعُ له بدلاً؛ قَطعاً للنِّزاع.