الفيض الجاري بشرح صحيح الإمام البخاري

باب ما يستحب من الكيل

          ░52▒ (باب مَا يُسْتَحَبُّ) أي: بيانِ ما يُستحَبُّ (مِنَ الْكَيْلِ) بيانٌ لـ ((ما)) الموصولةِ أو الموصوفة، لا مصدريةٍ، كما قد يوهِمُه كلامُ العينيِّ، فإنه قال: أي: هذا بابٌ في بيانِ استحبابِ الكَيلِ في المبيعاتِ، انتهى. ويحتمِلُ أن يريدَ بيانَ حاصِلِ المرادِ.
          وقال ابنُ بطَّالٍ: الكيلُ مندوبٌ إليه فيما يُنفِقُه المرءُ على عيالِه، قال: وندبُ النبيِّ أمَّتَه إليه يدلُّ على البركةِ فيه.
          وقال المهلَّبُ: ويحتمِلُ أنهم كانوا يأكلونَ بلا كَيلٍ، فيزيدونَ في الأكلِ، فلا يبلُغُ بهم الطَّعامُ إلى المدَّةِ التي كانوا يقدِّرونَها، فقال لهم عليه السَّلامُ: ((كيلوا...)) إلخ، أي: أخرِجُوا بكيلٍ معلومٍ يبلِّغُكم إلى المدَّة التي قدَّرتُم.
          وقال ابنُ الملقِّن: الكيلُ مندوبٌ إليه فيما يُنفِقُه المرءُ على عيالِهِ، والسِّرُّ فيه: معرفةُ ما يقوتُه فيستعِدُّه، وقد ندبَ الشارعُ إليه، والأَولى أن يعمَّمَ في المبيعاتِ، وما يُنفِقُه المرءُ على عيالِه، وفي غيرِهما، ومثلُ الكَيلِ غيرُه من وزنٍ أو ذَرْعٍ أو عَدٍّ، ولعلَّ المرادَ من استحبابِ الكَيلِ في المبيعاتِ أنَّ الأفضلَ في البيعِ أن لا يكونَ مُجازَفةً، كبِعتُك هذه الصُّبْرةَ مثلاً؛ لئلَّا يقَعَ في الندمِ، بل يكونُ تفصيلاً بكيلٍ أو غيرِه مما تقدَّمَ آنفاً، فتأمَّل.