الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الانفتال والانصراف عن اليمين والشمال

          ░159▒ (باب: الانْفِتَال والانْصِرَاف...) إلى آخره
          هذه هي الرَّابعة مِنَ التَّراجم الأربعة.
          اختلف العلماء في أنَّ المراد بذلك: الذَّهاب إلى حاجته أو الجلوس في المسجد منحرفًا إلى اليمين والشَّمال، والخلاف في ذلك وسيع، وما يظهر لي أنَّ عامَّة الفقهاء حملوها على الجلوس بعد الصَّلاة، ولذا سوَّوا بين الصُّور الثَّلاثة مِنَ الاستقبال والتَّحوُّل يمينًا وشمالًا، ولا يبعد أنَّ الإمام ترجم له مستقلًّا لذلك الاختلاف، فالغرض عندي أنَّ الاستقبال المذكور فيما سبق ليس بمتعيِّن، بل لو شاء جلس منحرفًا إلى اليمين أو الشِّمال، لكنَّهم لمَّا اختلفوا في المراد بالانصراف ترجم له بترجمة مستقلَّة، والقرينة على ما اخترته أنَّ الإمام البخاريَّ جمع في التَّرجمة بين الانفتال والانصراف، فكأنَّه أشار إلى أنَّ المراد بالانصراف هاهنا هو الانفتال، وهو الانحراف جالسًا كما يشير إليه حديث أبي داود: ((إنَّه صلعم سلَّم عن يمينه وعن يساره، ثمَّ انفتل كانفتال أبي رَمْثة، فقام الرَّجل الَّذِي أدرك معه التَّكبيرة الأولى))(1)... الحديث، وهذا كالنَّصِّ على أنَّ هذا الانفتال كان جالسًا لا ذاهبًا إلى بيته، وعلى ذلك حمل الشَّيخ ابن تيميَة أحاديث الانصراف إذ ترجم أوَّلًا: (باب: الانْحِرَاف بَعْد السَّلام، وقدْرَ اللُّبْث بينهما)... إلى آخر ما بسط في «هامش اللَّامع».


[1] أخرجه أبو داود في الصلاة، باب الرجل يتطوع في مكانه، (رقم 1007).