الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب إمامة العبد والمولى

          ░54▒ (باب: إمَامَة العَبْد والمَوْلَى...) إلى آخره
          قال الحافظ: المولى: العتيق، قال ابن المُنَيِّر: لم يفصح بالجواز لكن لَوَّحَ به لإيراده أدلَّته، ثُمَّ قال: وإلى صحَّة إمامة العبد ذهب الجمهور، وخالف مالكٌ فقال: لا يؤمُّ الأحرارَ إلَّا إن كان قارئًا وهم لا يقرؤون فيؤمُّهم، إلَّا في الجمعة لأنَّها لا تجب عليه، قوله: (وولدِ البَغِيِّ والأعرابِيِّ) وإلى صحَّة إمَامَتِهما ذهب الجُمهور خلافًا لمَالك، وعِلَّتُه عنده غَلَبَةُ الجَهل(1). انتهى.
          قوله: (مِنَ المصحف) قال العينيُّ: ظاهره يدلُّ على جواز القراءة مِنَ المصحف في الصَّلاة، وبه قال ابن سيرين، وأجازه مالكٌ في قيام رمضان، وكرهه النَّخَعيُّ، وهي مفسدةٌ عند أبي حنيفة، لأنَّه عملٌ كثيرٌ، وعند أبي يوسف ومحمَّدٍ يجوز لأنَّ النَّظر في المصحف عبادةٌ، ولكنَّه يكره لما فيه مِنَ التَّشبُّه بأهل الكتاب، وبه قال الشَّافعيُّ وأحمد. انتهى مختصرًا.
          وفي «هامش اللَّامع»: وأمَّا أثر عائشة ليس بنصٍّ في الباب لما فيه مِنَ الاحتمالات، قال السَّرَخْسيُّ في «مبسوطه»: ليس المراد بحديث ذكوان أنَّه كان يقرأ مِنَ المصحف في الصَّلاة، إنَّما المراد بيان حاله أنَّه كان لا يقرأ جميع القرآن عن ظهر القلب، والمقصود بيان أنَّ قراءة جميع القرآن في قيام رمضان ليس بفرضٍ. انتهى.
          ومعناه أنَّه كان يقرأ بعض القرآن لا كلَّه، ويحتمل أن يكون المعنى كان يقرأ مِنَ القرآن، أي: الآيات منه لا سورةً كاملةً في ركعةٍ، كما أنَّ هذين الطَّريقين معروفان عند القرَّاء، فبعضهم يقرؤون في كلِّ ركعةٍ سورةً قصيرةً، وبعضهم الرُّكوعات المتفرِّقة، ويحتمل أيضًا أن يكون المعنى أنَّه كان ينظر في المصحف بعد التَّرويحة إذا تعايا عليه، ثُمَّ يقرأ بعد ذلك في الصَّلاة، وهذا الطَّريق أيضًا معروفٌ لا سيَّما للحفَّاظ الَّذين لم يكن عندهم مَنْ يفتح عليهم. انتهى.
          وهذا التَّوجيه الأخير اختاره شيخ المشايخ في «تراجمه». انتهى.
          قوله: (والغلامِ الَّذِي لم يَحْتَلم) كتب الشَّيخ في «اللَّامع»: ولا يَصِحُّ استدلالُه بعموم قوله صلعم: (أقرؤهم)، لأنَّه لو سَلِم عُمُومه لزم بجواز إمامة الكافر والمرأة والمجنون، مع أنَّ أحدًا لا يقول به، فكما أنَّهم يُخَصُّون مِنْ عموم الأقْرَئِيَّة كذلك نَخُصُّه، أي: الصَّبيَّ منه، والحجَّة في تخصيصه النُّصوص الواردة في عدم تكليفه. انتهى.
          وفي «هامشه»: والمسألة خلافيَّةٌ، قال العينيُّ: ظاهره يتناول المراهق وغيره، ويفهم منه أنَّ البخاريَّ يجوِّز إمامته وهو مذهب الشَّافعيِّ أيضًا، ومذهب أبي حنيفة أنَّ المكتوبة لا تصحُّ خلفه، وبه قال أحمد وإسحاق، وفي النَّفْل روايتان عن أبي حنيفة، وبالجواز في النَّفْل قال أحمد. انتهى.
          قال الموفَّق: لا يصحُّ إتمام البالغ بالصَّبيِّ في الفرض، وبه قال مالكٌ... إلى آخر ما قال.


[1] فتح الباري2/184،185