الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب هل يأخذ الإمام إذا شك بقول الناس؟

          ░69▒ (باب: هل يَأْخُذُ الإمَام إذا شَكَّ...) إلى آخره
          الإمام البخاريُّ لم يجزم فيه بشيء.
          والأوجه عندي أنَّه نبَّه بلفظ: (هل) في التَّرجمة على الاختلاف في ذلك، ولم يجزم لقوَّة الاختلاف فيه، فهو مِنَ الأصلِ الثَّاني والثَّلاثين.
          والعجَب مِنَ الحافظ أنَّه قائل بهذا الأصل كما تقدَّم في الأصول، ومع ذلك لم يذكره هاهنا، بل قال: أورد فيه حديث ذي اليدين في السَّهو، وسيأتي الكلام عليه في موضعه... إلى آخر ما قال.
          والمسألة خلافيَّة شهيرة كثيرة الفروع مِنْ جزم الإمام وشَكِّهِ وإخبار الواحِد والاثنين، محَلُّها كتب الفروع، وملخَّصها كما في «الأوجز»: إذا شكَّ الإمام لا يرجع إلى قول المأمومين حتَّى يتيقَّن بقولهم وهو مذهب الشَّافعيَّة، وأمَّا عند مالك: إذا سلَّم الإمام وسبَّح به مَنْ خلفه فإنْ صَدَّقَه كَمَّل صلاته وسجد للسَّهو، وإن شكَّ في خبره سأل عَدْلَين وجاز لهم الكلام في ذلك، وإن تيقَّن الكمال عمل على يقينه وترك العدلين، ومذهب الحنابلة كما في «المغني»: مَنْ سبَّح به اثنان يثق بقولهما لزمه الرُّجوع سواء غَلب على ظنِّه صواب قولهما أو لا، فإن لم يرجع بطلت صلاته، وإن سبَّح به واحد لم يرجع إلى قوله إلَّا أن يغلب على ظنِّه فيعمل بغلبة ظنِّه لا بتسبيحه، لأنَّه صلعم لم يرجع إلى قول ذي اليدين وحده، ومذهب الحنفيَّة كما قال ابن عابدين: إن كان الإمام على يقين لا يعيد بقولهم، وإن كان في الشَّكِّ يعيد بقولهم، فلو استيقن الواحد بالنُّقصان وشكَّ الإمام والقوم أعادوا احتياطًا إلَّا إذا استيقن عدلان وأخبراه بذلك(1). انتهى مختصرًا.


[1] أوجز المسالك2/287 وما بعدها