الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب السجود على سبعة أعظم

          ░133▒ (باب: السُّجُود على سَبْعَة أعْظُم)
          قال الحافظ: لفظ المتن الَّذِي أورده في هذا الباب على سبعة أعضاء، لكنَّه أشار بذلك إلى لفظ الرِّواية الأخرى، وقد أوردها مِنْ وجه آخر في الباب الَّذِي يليه(1). انتهى.
          كتب الشَّيخ في «اللَّامع»: ووضع تمام الجبهة مستلزم لوضع الأنف، ويتطرَّق النُّقصان في الصَّلاة لو لم يضع الأنف، لأنَّ فيه نقصًا بوضع الجبهة مع أنَّها صحيحة. انتهى.
          أجاد(2) الشَّيخ الكلام على أحاديث البابين، وأشار بذلك إلى الجمع بين ما يُظْهِر اختلافها، وذلك أنَّه صلعم ذكر في الحديث الأوَّل سبعة أعضاء وعدَّ منها الجبهة فقط، وفي الثَّاني ذكر هذا اللَّفظ وأشار بلفظ الجبهة إلى الأنف، وهو عظم مستقلٌّ غير الجبهة، فكيف أشار النَّبيُّ صلعم بلفظ الجبهة إلى الأنف؟ وأجاب عنه الشَّيخ بأنَّ وضع تمام الجبهة مستلزم لوضع الأنف أيضًا، فإنَّ أحدًا إن لم يضع الأنف لا بدَّ أن يرتفع شيء مِنْ أسفل الجبهة، فكأنَّه صلعم أشار بالإشارة إلى الأنف إلى أنَّ تكميل وضع الجبهة يكون بوضع الأنف، فللَّه درُّه!
          قال الحافظ: قوله: (على الجبهة) وفي الحديث الآتي: (أشار بيده على أنفه)، وعند النَّسائيِّ في آخر الحديث: ((قال ابن طاوس: وَوَضَع يَده على جَبْهَتِه وأَمَرَّها عَلى أَنْفِه، وقَال هَذا وَاحِد))،(3) فهذه رواية مفسِّرة. / قال القرطبيُّ: هذا يدلُّ على أنَّ الجبهة الأصل في السُّجود والأنف تبع، وقال ابن دقيق العيد: قيل معناه أنَّهما جُعِلَا كعضو واحد، وإلَّا لكانت الأعضاء ثمانية، قال: وفيه نظر، لأنَّه يلزم منه أن يكتفي بالسُّجود على الأنف كما يكتفي بالسُّجود على بعض الجبهة، وقد احتجَّ بهذا لأبي حنيفة في الاكتفاء بالسُّجود على الأنف، إلى أن قال: وجواز الاقتصار على بعض الجبهة قال به كثير مِنَ الشَّافعيَّة، ونقل ابن المنذر: إجماع الصَّحابة على أنَّه لا يجزئ السُّجود على الأنف وحده، وذهب الجمهور إلى أن يجزئ على الجبهة وحدها، وعن الأوزاعيِّ وأحمد وإسحاق وغيرهم: يجب أن يجمعهما وهو قول للشَّافعيِّ أيضًا(4). انتهى.
          قال العينيُّ: احتجَّ بالحديث أحمد وإسحاق على أنَّه لا يجزئه مَنْ ترك السُّجود على شيء مِنَ الأعضاء السَّبعة، وهو الأصحُّ مِنْ قولي الشَّافعيِّ، وكأنَّ البخاريَّ مال إلى هذا القول ولم يذكر الأنف على هذا الحديث، وذكره في الحديث الآتي قريبًا، واختلفوا في السُّجود على الأنف، هل هو فرض مثل غيرها، ثمَّ بسط الاختلاف في ذلك، وحاصله أنَّه يجوز الاقتصار على الجبهة عند الجمهور خلافًا لأحمد، وأمَّا الاقتصار على الأنف دون الجبهة، فلا يجوز إلَّا عند أبي حنيفة(5). انتهى.
          وفي «هامش الكوكب»: السَّجدة واجبة على الأعضاء السَّبعة الواردة في الحديث عند الشَّافعيَّة في أظهر قوليه وزفر ورواية أحمد، وفي الأخرى له وبه قال مالك والحنفيَّة: لا يجب غير الوجه، ثمَّ في الوجه هل يجب الجمع بين الجبهة والأنف أم لا؟ مختلف... إلى آخر ما فيه(6).


[1] فتح الباري:2/296
[2] في (المطبوع): ((وأجاد)).
[3] أخرجه النَّسائي في كتاب التطبيق، باب السجود على سبعة أعظم، (رقم: 1098).
[4] أنظر فتح الباري:2/296
[5] أنظر عمدة القاري:6/90
[6] الكوكب الدري1/278