الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب متى يسجد من خلف الإمام

          ░52▒ (باب: مَتَى يَسْجُدُ مَنْ خَلْفَ الإِمَام؟...) إلى آخره
          كتب الشَّيخ في «اللَّامع»: أراد بذلك إثبات أنَّ أفعال المأمومين ينبغي أن تقع بعد الإمام بعديَّةً متَّصلةً ليس فيها فصلٌ، إلَّا أنَّه إذا كان الإمام كبير السِّن ضعيف القوى بطيء الحركات وجب التَّأخير في الابتداء حتَّى تتحقَّق البعديَّة المتَّصلة في الانتهاء، لأنَّهم لو أخذوا بعده بعديَّةً متَّصلةً في الإتيان بالفعل الَّذِي شرع فيه الإمام لزم فراغهم قبل فراغ الإمام لتبطُّئه في الحركات وتسارعِهم، فأشار إلى أوَّل الدَّعوى بحديث أنسٍ: (إذا سجد فاسجدوا) فإنَّه يدلُّ على التَّعاقب وعدم الفصل، والرِّواية المذكورة في الباب دالَّةٌ على فصلٍ في ابتداء فعل الإمام والمأموم، فالنَّظر إلى مجموعهما يثبت المرام، فكان كلٌّ مِنَ الرِّوايتين بمنزلة التَّفسير للأخرى فافهم. انتهى.
          وفي «هامشه»: في غرض الباب ثلاثة احتمالاتٍ:
          الأوَّل: ما أفاده الشَّيخ، وحاصله أنَّ الغرض التَّنبيه على أنَّ تعقيب أفعال المقتدين كما هو لازمٌ في مشروع(1) الفعل، كذلك هو واجبٌ في آخره.
          والثَّاني: أنَّ ظاهر قوله صلعم: (إذا سجد فاسجدوا) يوهم أن يقع سجود المؤتمِّ بعد فراغ الإمام عن السُّجود، كما هو ظاهر التَّعقيب، فدفع الإمام البخاريُّ هذا الاحتمال بحديث البراء بأنَّ التَّعقيب باعتبار الشُّروع لا باعتبار الفراغ، وهذا خاطري أبو عذرِهِ.
          والثَّالث: ما اختاره في «الفيض» فارجع إليه لو شئت.
          ثُمَّ ذكر في «هامش اللَّامع» هاهنا مسألة المبادرة مِنَ الإمام فقال: هاهنا ثلاثة مسائلَ: التحريمة والسَّلام، [و]بقيَّة الأركان.
          أمَّا الأوَّل: فالأئمَّة الأربعة متَّفقون على أنَّ التَّقدُّم على الإمام فيها مبطلٌ للصَّلاة، إلَّا في قولٍ للشَّافعيِّ غير مَرْضِيٍّ عند أصحابه.
          وأمَّا الثَّاني: أي: السَّلام، فالمشهور عن المالكيَّة أنَّ المقارنة في السَّلام مُفْسِدةٌ، فالتَّقُّدم بالأولى، وعند الشَّافعيِّ وأحمد: التَّقدُّمُ مُفْسِدٌ والمقَارَنَة مَكْرُوهةٌ مع صحَّة الصَّلاة، وعند الحنفيَّة التَّقدُّم في السَّلام مَكْروهٌ غَيْرُ مُفْسِد، فالمقارنة أولى بعدم الإفساد.
          وأما الثالث أعني بقية الأركان فالجمهور منهم الأئمة الثلاثة على إجزاء الصلاة مع التحريم، إلا في رواية لأحمد فالتقدم فيها أيضا مبطل، وبه قال أهل الظاهر. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((شروع)).