الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة

          ░38▒ (باب: إذا أقِيمَت الصَّلاة فلا صَلاةَ إلَّا المَكْتُوبة)
          كتب الشَّيخ في «اللَّامع»: أراد بذلك أنَّه ليس في هذا المكان غير المكتوبة، وذلك لما ورد في كثيرٍ مِنَ الرِّوايات تأكيد سنَّة الفجر، مع التَّأكيد في أمر الجماعة، حتَّى إنَّ كثيرًا مِنَ العلماء قال: بوجوبها، فطريق العمل بهما أن يأتي بالسُّنن في غير ذلك المكان، إذا لم يخف فوات الجماعة، جمعًا بين المَنْقَبَتَيْن(1) وإحرازًا لكلتا المَكْرُمَتَين، كيف وقد ورد في الرِّواية استثناءٌ بقوله: إلَّا ركعتي الفجر؟ انتهى.
          والمسألة خلافيَّةٌ شهيرةٌ ذكروا فيها تسعة مذاهب بسطت في «البذل»، ومذاهب الأئمَّة الأربعة كما في «الأوجز» أنَّ مَنْ لم يصلِّ رَكْعَتي الفَجر وأُقِيمَت الصَّلاة فلا يُصَلِّيهِما عند الشَّافعيِّ وأحمد مطلقًا، وعند مالكٍ يصلِّيهما خارج المسجد إن تيقَّن أنَّه يدرك الإمام في الرِّكعة الأولى، وعند الإمام أبي حنيفة يصلِّيهما ما لم يخف فوت الرَّكعتين معا(2). انتهى مِنْ «هامش اللَّامع».
          قال الحافظ: حديث التَّرجمة أعمُّ مِنْ حيث الباب، لأنَّه يشمل الصَّلوات كلَّها، وحديث الباب يختصُّ بالصُّبح، فيحتمل أن يقال: اللَّام في حديث التَّرجمة عهديَّةٌ، فيتَّفقان مِنْ حيث اللَّفظ، وأمَّا مِنْ حيث المعنى فالحكم في جميع الصَّلوات واحدٌ. انتهى.
          قلت: أو يقال: إنَّ التَّرجمة شارحةٌ بأنَّه بَيَّنَ وَجْه الإنكار، أو يقال: إنَّ الاختلاف كان في الفجر فقط، وأمَّا غيرها فاتَّفقوا على ألَّا يصلِّي فيها إلَّا المكتوبة.


[1] المَنْقَبة: كَرَمُ الفِعْل؛ يُقَالُ: إنَّه لكريمُ المَناقِبِ مِنَ النَّجَدَاتِ وَغَيْرِهَا؛ والمَنْقَبةُ: ضِدُّ المَثْلَبَةِ (لسان العرب:1/768)
[2] أوجز المسالك2/666