الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب الرجل يأتم بالإمام ويأتم الناس بالمأموم

          ░68▒ (باب: الرَّجل يَأْتَمُّ بالإمَام...) إلى آخره
          كتب الشَّيخ في «اللَّامع»: قوله: (ويأتم النَّاس بالمأموم) أي: في إتيان الأفعال، وإلَّا فالائتمام حقيقة بالإمام لا غير. انتهى.
          وفي «تراجم شيخ المشايخ»: هذا الباب يحتمل معنيين:
          أحدهما: يأتمُّ بالإمام ويأتمُّ النَّاس بالمأموم، يعني أنَّهم يسمعون منه التَّكبير، ويكون الإمام في الحقيقة ولكلٍ(1) واحد(2).
          وثانيهما: يأتمُّونه(3) حقيقة، وذهب المؤلِّف إلى كلا الاحتمالين في إمامته صلعم لأبي بكر ☺ ، وإمامة أبي بكر للقوم، وما قال به أحمد ِمْن كونه صلعم مقتديًا بأبي بكر فاحتمال ثالث لم يقل به المؤلِّف. انتهى.
          وفي كلام الشَّيخ إجمال مخلٌّ، وتوضيحه أنَّ في قصَّة أبي بكر ثلاثة(4) احتمالات:
          الأوَّل: أنَّ الإمام في الحقيقة لجميع الناس كان النَّبيَّ صلعم، وأمَّا أبو بكر فكان مبلِّغًا ومسمعًا(5) للنَّاس تكبيره لا غير.
          والاحتمال الثَّاني: إن كان النَّبيُّ صلعم(6) إمامًا لأبي بكر فقط، وأبو بكر كان إمامًا لبقيَّة النَّاس.
          والثَّالث: الَّذِي اختاره الإمام أحمد: إن كان الإمام في هذه القصَّة أبا بكر، لم يذهب البخاريُّ إلى هذا الاحتمال ولذا لم يتعرَّض له في كتابه، بل ذهب إلى الاحتمالين الأوَّلين، وأشار إلى الأوَّل بالباب السَّابق (باب: مَنْ أسمع النَّاس تكبير الإمام)، وأشار إلى الثَّاني بهذا الباب، والأوَّل قول الجمهور، والثَّاني قول الشَّعبيِّ.
          قال الحافظ: ولم يفصح البخاريُّ باختياره في هذه المسألة، لأنَّه بدأ بالتَّرجمة الدَّالة على أنَّ المراد بقوله: (ويأْتَمُّ النَّاس بأبي بكر) أنَّه في مقام المبلِّغ، وثنَّى بهذه الرِّواية التي أطلق فيها اقتداء النَّاس بأبي بكر، ورَشَّحَ ظَاهِرَها بِظَاهِر الحَدِيث المُعَلَّق، فَيُحْتَمَل أنْ يَكْون يَذْهَبُ إلى قَول الشَّعْبِيِّ، ويرى أنَّ قوله في الرِّواية الأولى:(يَسْمَعُ النَّاسُ التَّكْبِيرَ)، لا يُنَافِي كَوْنَهم يأْتَمُّون به... إلى آخر ما قال.
          قلت وصنيع البخاري في تعبير الترجمتين إذ بوب الأولى بقوله (باب من أسمع الناس)، وهذا على ما هو المشهور من دأب المصنف مما لا يرضاه، كما تقدم في الأصل الثالث، وترجم بالثاني بـ(باب الرجل يأتم...) إلى آخره، وإليه مال العيني إذ قال والذي يظهر من هذه الترجمة أن البخاري يميل إلى / مذهب الشعبي في ذلك، ومما يؤكد أن ميل البخاري إلى مذهب الشعبي كونه صدر هذا الباب بالحديث المعلق، فإنه صريح في أن القوم يأتمون بالإمام في الصف الأول ومن بعدهم يأتمون به. انتهى.


[1] في (المطبوع): ((للكل)) بالتعريف وبلا واو.
[2] في (المطبوع): ((واحدًا)).
[3] في (المطبوع): ((يأتمون به)).
[4] في (المطبوع): ((ثلاث)).
[5] في (المطبوع): ((مسمعًا)).
[6] في (المطبوع): ((أن النبي صلعم كان)).