الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب أهل العلم والفضل أحق بالإمامة

          ░46▒ (باب: أهلُ العِلم والفَضْل أحقُّ بالإمَامة)
          وفي «تراجم شيخ المشايخ»: استدلَّ المؤلِّف بإمامة أبي بكرٍ على فضله، فحاصل الاستدلال أنَّ أفضليَّة أبي بكرٍ معلومةٌ لنا قطعًا بالأحاديث المتواترة المعنى، وعلمنا منه هذه المسألة في الإمامة، وقال بعضهم: إنَّ هذه الإمامة هي الدَّالَّة على أفضليَّته، ولا يخفى أنَّه حينئذٍ يلزم الدَّور في الاستدلال. انتهى.
          قال الحافظ: قوله: أحقُّ بالإمامة، أي: ممَّن ليس كذلك، ومقتضاه أنَّ الأعلم والأفضل أحقُّ مِنَ العالم والفاضل، وذكر الفضل بعد العِلم مِنَ العامِّ بعد الخاصِّ، وسيأتي الكلام على ترتيب الأئمَّة بعد بابين. انتهى.
          وقال السِّنديُّ: يَحْتَمِل أنَّ مُراده بيان أنَّ أهل العِلم أولَى بالإمامة مِنْ أهل القراءة، كما قال الجمهور: إنَّ الأعلم أولى مِنَ الأقرأ، وهذا مبنيٌّ على أنَّ أُبَيًّا كان أقرأ القوم كما جاء (أَقْرَؤُكُمْ أُبَيٌّ)، ومع ذلك اختار صلعم أبا بكرٍ للإمامة، لأنَّه كان أعلم، وعلى هذا فقيل: إنَّ تقديم الأقرأ منسوخٌ، وقيل: بل تقديم الأقرأ مبنيٌّ على أنَّ أقرأَهم كان أعْلَمهم، ولا يخفى أنَّ لازم الجواب الثَّاني أن يكون أُبيٌّ أعلمهم، لأنَّه أقرؤهم، وهو يفسد أصل الاستدلال، والله تعالى أعلم(1). انتهى.
          قلت: ويمكن التَّفصِّي عنه بأنَّ كلًّا مِنْ أبي بكرٍ وأُبَيِّ بن كعبٍ كانا أقرأهم، وما ورد في حقِّ أبيٍّ مِنْ كونه أقرأهم فهو مِنْ حيث شدَّةُ الحفظ وإتقانُه، وما قيل: أقرؤهم كان أعلمهم فباعتبار كميَّة القرآن.


[1] حاشية السندي1/86