الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب إذا حضر الطعام وأقيمت الصلاة

          ░42▒ (باب: إذا حَضَر الطَّعام وأُقِيمت الصَّلاة...) إلى آخره
          كتب الشَّيخ في «اللَّامع»: أشار بقوله في التَّرجمة: (وقلبه فارغٌ) إلى الجمع بين ما ورد في ذلك الباب مِنَ الرِّوايات المختلفة، ففي بعضها تقديم الأكل وفي الأخرى لا تُؤخَّر الصَّلاة لشيءٍ، وحاصل الجمع أنَّ تقديم الأكل حيث اشتغل به قلبه، وإلَّا فلا تؤخَّر الصَّلاة، فما ورد مِنْ تقديم الطَّعام مِنْ قصَّة عمر وغيرها محمولٌ على ما إذا شغله الطَّعام عن الصَّلاة، والله تعالى أعلم. انتهى.
          وفي «هامشه»: اختَلفت الرِّوايات في ذلك كما أفاده الشَّيخ، واختلفوا في الجمع بينهما، قال الشَّوكانيُّ: بعد ذكر أحاديث تقديم العَشَاء: ظاهر الأحاديث أنَّه يقدِّم العَشَاء مطلقًا سواءٌ كان محتاجًا إليه أم لا، وسواءٌ خشي فساد الطَّعام أم لا، وسواءٌ كان خفيفًا أم لا، وخالف الغزاليُّ فزاد خشية فساد الطَّعام، والشَّافعيَّة فزادوا قيد الاحتياج، ومالكٌ فزاد قيد أن يكون الطَّعام خفيفًا، وقد ذهب إلى الأخذ بظاهر الأحاديث ابن حَزْمٍ والظَّاهريَّة، ورواه التِّرْمِذيُّ عن أحمد وغيره، فقال: يجب تقديم الطَّعام(1)، وجزموا ببطلان الصَّلاة إذا قَدَّم(2)، وذهب الجمهور إلى الكراهة، وأيضًا ظاهر الأحاديث أنَّه يُقَدَّم الطَّعام وإن خُشي خروج الوقت، وإليه ذهب ابن حَزْمٍ، وهو وجهٌ لبعض الشَّافعيَّة، وذهب الجمهور إلى أنَّه إذا ضاق الوقت صلَّى على حاله محافظةً على الوقت، ولا يجوز تأخيرها. انتهى.
          قلت: ما حكى الشَّوكانيُّ مِنْ مذهب أحمد مِنْ فساد الصَّلاة عند التَّقديم يأباه كتبه، قال الموفَّق: قال ابن عبد البرِّ: أجمعوا على أنَّه لو صلَّى بحضرة الطَّعام فأكمل صلاته أنَّ صلاته تُجْزِئُه. انتهى.
          قلت: وحمل الطَّحاويُّ: في مشكل الآثار روايات الباب على الصَّائم... إلى آخر [ما] في «هامش اللَّامع».


[1] سنن الترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء (رقم 353).
[2] في (المطبوع): ((قدمت)).