الأبواب والتراجم لصحيح البخاري

باب جهر المأموم بالتأمين

          ░113▒ (باب: جَهْر المَأمُوم بالتَّأمِين)
          كتب الشَّيخ في «اللَّامع»: والكلام فيه مثله فيما تقدَّم. انتهى.
          وفي «هامشه»: تقدَّم في أوَّل باب السَّابق أنَّ نَقَلَة المذاهب اختلفوا في ذكر قولي الإمام الشَّافعيِّ: الجديد والقديم.
          والعجب أنَّ عامَّة الشُّرَّاح الشَّافعيَّة مِنَ الحافظ والقَسْطَلَّانيِّ والنَّوويِّ في «شرح مسلم» لم يتعرَّضوا لتفسير القولين، إلَّا ما قال الحافظ في «الفتح»: الجهر للمأموم ذهب إليه الشَّافعيُّ في القديم وعليه الفتوى، وقال الرَّافعيُّ: قال الأكثر: في المسألة قولان الأصحُّ الجهر(1). انتهى.
          واختلط الكلام في «شرح المهذب» للنَّوويِّ(2)، ثمَّ ذكر في «هامش اللَّامع» توضيح هذا الاختلاط إلى أن قال: وقد بسطت في ذلك، / لأنَّ نقلة المذاهب مِنَ المشايخ اختلفوا في نقل قولي الإمام الشَّافعيِّ: الجديد والقديم، وما ظهر لي بعد، وإنَّ أصل اختلاف القولين في المأموم الجديد السِّرُّ والقديم الجهر، وأمَّا الإمام فالمعروف مِنْ مذهبه الجهر في القولين. انتهى.
          قال العينيُّ: قال ابن المُنَيِّر: مناسبة الحديث للتَّرجمة مِنْ جهة أنَّ في الحديث الأمر بقول: آمين، والقول إذا وقع به الخطَّاب مطلقًا حُمل على الجهر، ومَتى أريد به الإسرار وحديث النَّفس قُيِّد بذلك، قلت: المطلق يتناول الجهر والإخفاء، وتخصيصه بالجهر والحمل عليه تحكُّم، فلا يجوز، وقال ابن رُشيد: تؤخذ المناسبة مِنْ جهة أنَّه قال: (إذا قال الإمام فقولوا)، فقابَل القول بالقول، والإمام إنَّما قال ذلك جهرًا، فكان الظَّاهر الاتِّفاق في الصِّفة، قلت: هذا أبعد مِنَ الأوَّل وأكثر تعسُّفًا، لأنَّ ظاهر الكلام ألَّا يقولها الإمام كما روى مالك، لأنَّه قسم، والقِسْمَة تُنَافِي الشركة، وقوله: (إنَّما قال ذلك جهرًا) لا يدلُّ عليه معنى الحديث أصلًا، فكيف يقول فكأنَّ الظَّاهر الاتِّفاق في الصَّفة، والحديث لا يدلُّ على ذات التَّأمين مِنَ الإمام، فكيف يطلق الاتِّفاق في الصِّفة وهي مبنيَّة على الذَّات؟(3)... إلى آخر ما بسطه.
          ثمَّ قال: ويمكن أن يوجه وجه لمناسبة الحديث للتَّرجمة، وهو أن يقال: أمَّا ظاهر الحديث فإنَّه يدلُّ على أنَّ المأموم يقولها، وهذا لا نزاع فيه، وأمَّا أنَّه يدلُّ على جهره بالتَّأمين فلا يدلُّ، ولكن يستأنس له بما ذكره قبل ذلك، وهو قوله: (أمَّنَ ابن الزُّبير) إلى قوله: (خَيْرًا). انتهى.


[1] فتح الباري:2/267
[2] أقول رحم الله شيخنا وغفر لنا وله فكلام الإمام النووي واضح، فبعد عرض أحاديث الباب والأقوال فيه قال: وأما المَأمُوم فقد قَالَ المصنِّفوَجُمْهُورُ الأَصحاب قال الشَّافِعِيُّ فِي الجَديد لَا يجهر وفِي الْقَديم يجهر وهذا أَيْضًا غَلَطٌ من النَّاسخ أو من االمصنِّف بِلَا شَكٍّ لأنَّ الشَّافِعِيَّ قال في المختصر وهو من الجديد يَرْفَعُ الْإِمَامُ صَوْتَهُ بالتَّأْمين وَيُسْمِعُ مَنْ خَلْفَهُ أَنْفُسَهُمْ وقال في الْأُمِّ يَرْفَعُ الْإِمام بها صوته فإِذا قالها قالوها وَأَسْمَعُوا أَنْفُسَهُمْ ولا أُحِبُّ أن يَجْهَرُوا فان فعلوا فلا شئ عَلَيْهِم هذا نصُّه بحروفه .(المجموع شرح المهذب:3/371)
[3] عمدة القاري6/53